مقالات

(10) نهر النيل في… الإسلام

كان لنهر النيل مكانة عظيمة ومنزلة مرموقة وقيمة رفيعة وجوهرة غالية وثمينة ومقامٍ سامٍ عالٍ ورفيع عند الفراعنة، فجلب لهم الخير الوفير وعاشوا في جنباته في رفاهية من العيش منقطعة النظير، حصلوا عليها من رب العالمين، فملكوا البساتين والحدائق الغناء، وعيون وفروع أنهار نهر النيل السبعة، التي كانت تجري تحت مساكنهم، وعاشوا حياة الرفاهية في المساكن الأنيقة الحسنة والجميلة، منذ خمسة آلاف عام.

فتمتع الفراعنة بنهر النيل ومنحهم البهجة والفرح والسرور بمتاع الدنيا القليل، بالرغم من وفرته، فتمتعوا بطعامه وتلذذوا بشرابه وارتدوا اللباس الأنيق وحازوا على العيشة الفخمة الهنية الطيبة والرفاهية الزائدة عن الحد، الذي جعل من ضفتي نهر النيل الممتدة من أسوان إلى البحر المتوسط، ممتلئة عن آخرها بالبساتين الغنية وبالفاكهة من كل الأشكال والأنواع والألوان.

 وانتشرت على ضفافه وفي ربوعه الحدائق الغناء ذات الرائحة الجميلة والمناظر البديعة الخلابة، ثم تركوها وهجروها رغم عن أنوفهم بعد عصيانهم لأوامر الله سبحانه وتعالى.

قال تعالى: “كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26) وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ” (الدخان: 25- 27).

الخير الوفير.. مكانة عظيمة لنهر النيل لدى الفراعنة

ولم يكن الفراعنة يتمتعوا بماء النيل وجمال بساتينه وأشجاره وخيره الوفير، إلَّا بعد أن قدموا له كل الحماية الكافية والرعاية الكاملة واللازمة، فحافظوا على وجوده ونظافته وتجميله واستخدموا كل الوسائل الفنية والتقنية في تطويره والحفاظ على جودة مائه، أمام ناظريهم وتنميته وتجميله، فكان نهر النيل بالنسبة للفراعنة هو الحياة بروحها وجسدها، وكان له القسط الأكبر من الرعاية والحماية والحفظ والعناية.

بل وتمتعوا بالزينة والذهب المليء بها حوضه عن آخره، والذي كان وما زال يملأ أرض مصر عن آخرها، فكانت خزائن الفراعنة مليئة بالذهب، وكان الفرعوني الذي يموت يدفن معه ذهبه ولا يتركه لأحد من أبنائه، لأن كل فرد من أفراد الأسرة الفرعونية، كان يحتفظ بذهبه الخاص به.

فحصد الفراعنة الكنوز من الذهب والبلاتين والمعادن الغالية والثمينة من تدفق ماء النيل، والقادمة من مخازنه في قمم الجبال ومناجمها، وجمعوه من نهر النيل مع سقوط الأمطار الغزيرة التي تجرفها في حوض النيل، والغنية بالذهب والبلاتين، وما زال حتى الآن، وكانوا يصطادون الذهب من نهر النيل بفرو الخروف.

قال تعالى: “فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ” (الشعراء: 57- 58).

خيرات نهر النيل

وكانت أرض مصر الغراء، عامرة أيام الفراعنة بكل ما لذَّ وطاب من خيرات نهر النيل، علاوة على التمتع بجمال النهر الخالد، المليء بكل أنواع القناطر وكل أنواع الجسور ومعه الأمانة والعلم والخبرة والفن والجمال، وليس بالفهلوة والجهل والأمية والفشل، ولم تكن مصر على هذا الحال الذي نراه جميعًا اليوم، بالرغم من ادعاء البعض الوطنية والتدين المغشوش.

حتى أن الماء كان يجري من تحت منازل الفراعنة ويتدفق داخل حدائقهم، فيحبسونه كيف شاءوا ويطلقون له العنان حيث أرادوا، فماذا يقول الفراعنة عن مصر، إذا رأوا حالها الآن؟

فتحولت رفاهية المصريين في عهد الفراعنة، إلى آيات تتلى في القرآن الكريم، يذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، عظة وعبرة لمن كان عنده قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »