مقالات

(50) نهر النيل في… الإسلام

هذه العلاقة الوطيدة بين نهر النيل في بحره وبئر زمزم في نهره، والذي رسم خريطة اسم هاجر عليها السلام وسعيها، كان سبب في الرابط المحوري بينهما ونهر النيل في مصر ونهر زمزم في مكة المكرمة، وكلاهما نهران من الجنة وينبعان في الجنة، ولكن ماء زمزم له طبيعته الخاصة، والتي تختلف عن طبيعة الماء العذب الموجود في نهر النيل، وكل الماء العذب على الأرض في الطعم واللون والرائحة.

فكان لاسم هاجر عليها السلام دور مركزي في ربط ماء النيل بماء زمزم وشعائر الحج، التي بدأتها بالسعي بين الصفا والمروة، فربطت هاجر باسمها جغرافية ماء نهر النيل، بسعيها بين الصفا والمروة مع بئر زمزم، مع الفرق الشاسع والظاهر لنا في طول نهر النيل البالغ  6758 كم، وانحصار زمزم في بئره في الظاهر، ولكن لا نعرف شيء عن طوله في الباطن.

اسم هاجر عليها السلام

وهذا يؤكد مدى الارتباط العميق في العلاقة، الذي يربط بين نهر النيل ومشاعر الحج، المتمثل في اسم هاجر عليها السلام وفعلها، مما أضاف بعدًا جديدًا لمكانة ومنزلة نهر النيل في الإسلام ومدى ارتباطه بمكة المكرمة والبيت الحرام، وكل هذا يعود إلى المكانة الكبرى، التي حازت عليها هاجر عليه السلام بالربط والجمع بين النهرين برباط وثيق.

ولا يغيب عن فهمنا العلاقة الوطيدة بين نهر النيل ونهر زمزم ونهر الكوثر، فهذه الأنهار الثلاثة متصلة ببعضها اتصال مادي وجغرافي ونوراني في الدنيا والآخرة، فإذا كان هناك صلة في جغرافية موقع النهرين، نهر النيل في مصر ونهر زمزم في مكة المكرمة في الدنيا، وكلاهما نهران في الجنة ويُمثلان جغرافية اسم هاجر عليها السلام وسعيها.

فإن نهر الكوثر في الجنة ومنه تتدفق كل أنهار الجنة، كان جائزة وهبة منحها الله سبحانه وتعالى إلى حفيد هاجر عليها السلام في الجنة محمد صلى الله عليه وسلم في سورة باسم نهر الكوثر.

قال تعالى: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ) الكوثر: 1- 3.

كل هذا مرتب ومقدر بأمر الله سبحانه وتعالى لهاجر عليها السلام، لكن الأعجب من كل ذلك أن يتم هذا الترتيب الإلهي في البداية من مصر على يد الفرعون، الذي لولاه ما زار إبراهيم عليه السلام مصر، وما تزوج من هاجر عليها السلام وما رأينا كل هذه الأحداث العظام التي تتحكم في الكون إلى قيام الساعة.

فكان ربط اسم هاجر عليها السلام بجغرافية نهر النيل، وربط عملها وجهدها وسعيها  الدؤوب في السعي بين الصفا والمروة ببئر زمزم، والذي على أثره تفجر بئر زمزم، فكان الاسم والسعي لهاجر عليها السلام سببين في وجود نهر النيل ونهر زمزم، كما سماه الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان جهدها وسعيها، من أجل إنقاذ وليدها إسماعيل عليه السلام من الموت عطشًا، إنقاذ للعرب وإنقاذ لبني إسرائيل ودعوة الإسلام إلى قيام الساعة.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »