مقالات

(156) نهر النيل في… الإسلام  

تزداد الخلافات المستعصية والمشاحنات المزمنة بين الأنظمة والحكومات، كلما زاد القرب أو البعد من الغرب والأمريكان، أحفاد هنري كامبل الذين صنعوهم على أعينيهم وتم دفعهم إلى سدة السلطة من الوكلاء، الذين لا يملكون من أمرهم شيء بعد تغييب الشعوب، ومنعها بالقوة من الحفاظ على مصالحها.

فحكم أصحاب الفكر الثاقب والنافذ في ضياع البلاد والعباد، والذين لم يتمكنوا بفكرهم الثاقب والنافذ من توفير رغيف الخبز الحاف في الأفران أو جمع الزبالة من الشوارع والحارات، بالرغم من قدرتهم الغريبة والعجيبة في تنفيذ الأوامر، وإيقادهم لنيران الحروب واشتعالها في سويعات.

بل واتخذوا من الإسلام مطية ووسيلة أبدية لخلق وإبراز واشتعال كل هذه الخلافات وتلك العداوات والأزمات والحروب، بالرغم من السماحة والود والوفاق الذي يتميز به على الكثير من الديانات بعد تجييش أصحاب العقائد الفاسدة والتدين المغشوش في كل المجالات من أجل رفع الشعارات الكاذبة اللازمة لتمرير الحروب، وتكفير المخالفين لهم في الرأي.

بعد تحييد الأمة وتغييبها عن القيام بدورها وإحلال محلها المحللين، الذين لا يبحثون سوى عن مصالحهم الشخصية في غياب العمل الجماعي، الذي يفصل في كل هذه الأخبار ويعالجها بالحكمة ويمنعها من الانفجار، ولكنها مصالح الأشرار الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، بعد أن زاغت بهم الأبصار.

الخلافات المستعصية 

وبعد كل هذه الخلافات الحدودية المصطنعة، زادت الخلافات والمشاحنات بين الأنظمة الحاكمة، فكل منهم يبحث عن مصالحه الشخصية، ويبحث عن الوسيلة الأبدية التي تمكنه من البقاء على رأس الوسية، حتى ولو قدم كل فروض الطاعة والولاء لمن بيده التعيينات الدولية، أو قدم شعبه قربان، تلتهمه كل المجاعات والأمراض المعدية.

فمهما كانت التضحيات الجسام ومهما كان التخلف والتبعية، ومهما ازداد الفقر والجوع والحرمان بين شعبه ومهما طفح اليأس والبؤس والحرمان من عيون الكبار والصغار، فكل هذا يتصاغر ويتضاءل أمام البقاء في السلطة، لأنَّ المهم في عرف فاقدي الإيمان بالله ومنتهكي حرمات الناس، هو البقاء في كرسي الشيطان، مهما كانت التبعات ومهما كانت الموبقات، ومهما كان الفشل الذريع والدائم واللازم الذي يطاردهم في كل المهمات.

ولا مانع عند الحكام والأنظمة من التآمر على بعضهم البعض والتسابق من أجل الرضا والقبول وتقديم شهادة حسن السير والسلوك، ليس لشعوبهم الذين لم تنتخبهم في انتخابات حرة ونزيهة، بل زوروا أصواتهم بالقوة والعنف والإرهاب، من أجل السيطرة على المجالس التشريعية، ودفعها إلى تحقيق مآربهم الشخصية في الوقوع في فخ التبعية بعد إبعاد واستبعاد كل من يطالب بتحرير أمته من براثن الشيطان، بل من أجل الاستمرار في السلطة وتوريثها للأبناء والأحفاد، في غياب وتغييب الشعوب المتعمد عن صناعة القرار.

التآمر على نهر النيل

فهل كان سيضيع نهر النيل ويتآمر عليه الجميع، لو كان في مصر والسودان، حكم رشيد أو قوة تحميه، وتدافع عنه في كل وقت وحين، إعلاء لمعادلة البقاء ضد معادلة الفناء ثم ما الذي جعل الغرب وروسيا والصين، تطور أسلحتها الهجومية والنووية، من أجل الحفاظ على مصالحها الاستراتجية، فهل يوجد حياة للمصريين في الدنيا بعد جفاف نهر النيل العظيم؟

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »