مقالات

(144) نهر النيل في… الإسلام

قسَّمت هذه الوثيقة العالم إلى ثلاث مساحات، مما يعني أنهم ينظرون إلى العالم من منظور المساحات وليس الدول، المساحة الغربية والتي تضم الغرب المسيحي والمساحة الصفراء التي تضم إلى اليابان والصين والهند وجنوب شرق آسيا، والمساحة الخضراء التي تشمل العالم العربي والعالم الإسلامي.

إذًا هم ينظرون إلى العالم، نظرة مستعمر خبير بأحوال العالم، وعليم بمقدراته ومكامن القوة فيه، وعلى دراية بأماكن تمركز ثرواته الطبيعية وعلى علم بإمكانياته المادية والبشرية، التي لا تخطئها عين الرقيب من خلال المساحات الثلاثة، التي تفرض سيطرتها على العالم في الماضي والحاضر والمستقبل، وتتحكم في مركز العالم وثقله، ولا تنسى أطرافه وتسيطر على أركانه، وتحيط به من كل جانب في أنهاره ومحيطاته بمهارة ذاتية منقطعة النظير.

الغرب المسيحي وفق وثيقة هنري

فالمساحة الغربية أو ما يسمى بالغرب المسيحي، كما تقول الوثيقة، يجب أن يخرج منه من يحل محل الامبراطورية الإنجليزية إذا سقطت، من أجل استمرار سيطرة الغرب وهيمنته على مقدرات العالم السياسية والاقتصادية، ولا مانع من تفجير الأوضاع عند اللزوم، وحتى الاحتلال بحجج واهية لا تسمن ولا تغني من جوع، بل هي أوهن من بيوت العنكبوت، فأخرجت الوثيقة أمريكا قوة عظمى في العلن كي تحل محل إنجلترا، بعد الحرب العالمية الثانية.

والمساحة الصفراء تُمثل مركز الثقل وصناعة القرار في آسيا ولا مانع على الغرب من التعاون معها في التجارة البينة والسياسة الخارجية، فيستفيد الجميع من الجميع على قاعدة المصالح المتبادلة والمشتركة، ولا توجد أي خطورة على الغرب وأعوانه من هذه المساحة التي تتميز بأخلاقها الهشة، ولا يتحكم فيها دين ولا تعلن الولاء والإيمان بعقيدة معينة، ولكن  تُظهر الصين الآن العين الحمراء لأمريكا والغرب، من أجل إزاحة المساحة الغربية من على عرش العالم.

أمَّا المساحة الخضراء، فهي المساحة المغلوب على أمرها من قبل الغرب وأعوانه في الشرق وفي آسيا، فتحاك ضدها كل المؤامرات، ويتآمر عليها الجميع، حتى من يدعون الانتساب إليها ويسعون إلى تدميرها والتخلص منها بكل الطرق والوسائل الممكنة وغير الممكنة، والتي تشمل العالم العربي والإسلامي.

تقسيم العالم الإسلامي

فقالت الوثيقة عن العالم الإسلامي، أن هؤلاء الشعوب تقطن جنوب البحر الأبيض المتوسط، ولهم دين واحد وعقيدة واحدة، وهم المنافسون الحقيقيون والوحيدون لنا في العالم.

ومع العلم أن اللون الأخضر المفترض فيه أنه يرمز إلى الخير والجمال، إلا أنه في أدبيات الغرب يرمز إلى الشر، لذلك أرادوا أن يمنعوا هذه المساحة من الخوض في غمار العلم والمعرفة والتقدم والازدهار بسبب انتمائها للإسلام.

لذلك وضعوا كل العقبات، في سبيل تقدم العالم الإسلامي ومنعوه بالقوة من الخروج من شرنقة الفقر والجوع والحرمان والجهل والأمية والتخلف، ووضعوا الكثير من الخطوط الحمراء التي تمنع من نهضته، وتحد من تقدمه بالرغم من أن مساحة العالم الإسلامي تمثل 30% من مساحة الأرض وممتلئة عن آخرها بالثروات الطبيعية والثروة البشرية الناهضة ولا تعادي أحد، بل يعاديها الجميع من أجل الإسلام وعقيدته السمحاء.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »