مقالات

(141) نهر النيل في… الإسلام

كان الهدف من فحوى هذه الوثيقة الملعونة، التي صاغها هنري كامبل وأعوانه في 1905، دليل ثابت على إدانة الغرب بكل ملله ونحله ووكلاءه، للسيطرة على الشرق الإسلامي، ونهب خيراته وتشريد أبناءه وتحويلهم إلى لاجئين حول الكرة الأرضية، بعد أن تعرى عن إنسانيته التي يدعيها في كل مجال.

والتي ما زال صداها يتردد في أركان العالم العربي والإسلامي، وما زالت تطبق حتى الآن على أرض الواقع في 2021، وفيه تم وضع العالم العربي والإسلامي، تحت الانتداب الغربي جيل بعد جيل في تواطؤ معلن وواضح وصريح بين أحفاد هنري كامبل وبين وكلائه في العالم الإسلامي، فأصبحت الصورة واضحة من المركز والأطراف وتطبق بحذافيرها على أرض الواقع.

لكن كانت نقطة البداية لهذه الوثيقة الكارثية في 10 دون استريت مقر الحكومة البريطانية آنذاك في 1905، عندما كانت بريطانيا عظمى، وكان هنري كامبل بترمان يتربع على كرسي رئاسة الوزراء البريطاني، وفي نفس الوقت كان وزير للمالية، كان هنري شخص غير عادي، ويتمتع بصفات غير عادية، بقي في السلطة سنتين ونصف، ولكنه غير معالم العالم، وعندما مات في 1907، قال: “ليست هذه نهايتي”.

كان هنري فيلسوف محنك، له باع طويل في تحديد فكر الأولويات على مدار قرون من الزمان، فقد كان جالسًا ذات يوم في ردهة مكتبه في وسط لندن، وكانت إنجلترا في ذلك الوقت هي الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس، لكنه طرح سؤال عبقري على نفسه، قال إذا كانت إنجلترا الآن لا تغرب عنها الشمس، فسيأتي زمان تغرب عنها الشمس فمن يحل محلها؟

سؤال غريب وعجيب وفريد من مسؤول عجيب وغريب وفريد، فالبرغم من أن إنجلترا تسيطرعلى العالم في ذلك الوقت وتنهب خيراته وتمص دماء شعوبه، وتذيقهم ويلاتها وسوء العذاب من احتلالها، إلا أنه أراد أن يؤمن مستقبل الأجيال القادمة في الغرب بشكل عام وفي إنجلترا بشكل خاص، بعد أن يتعلموا الدرس من هنري كامبل باترمان المحنك.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »