مقالات

(142) نهر النيل في… الإسلام

لم يترك هنري كامبل العنان لنفسه طويلًا، كي يحلق بها في الماضي ويتطلع فيه على الحاضر الذي يعيشه، ويرنوا ببصره إلى المستقبل، الذي ينظر إليه بكل شك وريبة ويملأه كل حقد دفين على الإسلام وأهله، فكان عليه العمل على حبك المؤامرات، دون مبرر حقيقي سوى عدائه للإسلام وللمسلمين، الذي قتلت منهم وثيقته وما زالت عشرات الملايين، دون ذنب ارتكبوه سوى أنهم مسلمون.

لكن عند هذه النقطة التي طرح فيها هنري السؤال على نفسه، بدأ في التحرك العملي والفعلي على أرض الواقع، فدعا رؤساء الغرب في ذلك الوقت: إنجلترا، فرنسا، أمريكا، إسبانيا، البرتغال، النمسا، بلجيكا، غيرها وطرح عليهم هذا السؤال المحوري، إذا كانت إنجلترا الآن لا تغرب عنها الشمس، فسوف يأتي عليها زمان، تغرب عنها الشمس فمن يحل محلها؟

أمر غريب وعجيب ومستهجن، أن يتم صياغة بنود هذه الوثيقة بشكل محكم، يتناقض مع أبسط ما يعلنه الغرب ليل نهار عن قيم العدل والتسامح وحقوق الإنسان، التي يتشدق بها الغرب في مجمل أحاديث الساسة عن الإنسانية وحقوق الإنسان التي يجب الحفاظ عليها وتدعيمها.

كانت خطة هذه الوثيقة، التي تفتق عنها ذهن وفكر الهنري، لم تغب عن خياله على مدار اللحظة، مما مكنه من جمع كل قواه في فكره وعقله والقلب والفؤاد، ثم اتخاذ القرار، بعد الموافقة الجماعية من القوى الغربية في حكامها، بعد تقدير الموقف واستخدام كل الوسائل الممكنة وغير الممكنة، التي تمكنه من تطبيق بنود الوثيقة بشكل جدي وحرفي، واحدة تلو الأخرى.

شارك حكام الغرب وجامعاته في صياغة هذه الجريمة المنظمة في الوثيقة، فكان لها الدور الفعال في تحطيم العالم الإسلامي وتحويله إلى كنتونات ودول فتات، بعد تفتيت المفتت وتجزئة المجزأ، يحارب بعضها البعض الآخر على لا شيء في غياب وتغييب العقول والمعقول وحضور اللامعقول، والذي لم تستفد منه الشعوب ولا الحكومات، سوى تشكيل طائفي من الحروب والعدوات وتحطيم العالم الإسلامي والإساءة إلى الإسلام، كدين يحافظ على مصالح الناس.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »