مقالات

(2) الكتاتيب بذرة التعليم في الإسلام

بعدها ينطلق الطفل في قراءة الحرف والأحرف والكلمة والكلمات ثم الآية والآيات فيقرأها ويُكرِّر قراءتها ثم يكتبها، فيحفظها بعد تمكنه منها وإعادة كتابتها ثم حفظها مع استخدام كل حواسه المختلفة في السمع والبصر أولًا ثم القراءة والكتابة ثانيًّا ثم الاثنين معًا مع حركة جسده ثم الحفظ والفهم الذي ينطلق من بؤرة الشعور إلى حاشية الشعور في المخ، فيتم تسجيلها في الذاكرة وتخزينها واستعادتها بسهولة عند طلبها واستحضارها وكلما كانت ملكة الحفظ قوية كلما كان التسجيل سهل ومرن في بؤرة الشعور وحاشيته.

ففي الكتاتيب يعتمد التعليم على المعلم الحافظ للقرآن الكريم وعلى التلميذ المبتدئ، الذي يسعى إلى متابعة المعلم في كل أقواله وأفعاله، باستخدام اللوح الذي يكتب عليه بقلمه من محبرته فيتمكن من الإمساك بالقلم ويعرف كيف يكتب من إلىمين إلى إلىسار حروف الهجاء العربية وعددها ثمانية وعشرون حرف، حرف وراء حرف.

ثم ينتقل من كتابة الحروف وتدوينها إلى حفظها وهذه هي البذرة الأولى والبداية الصحيحة في نجاح وتنمية العملية التعليمية في ذهن الطفل وعقله، بواسطة وسائل إدراكه ومكامن نفسه.

أهمية الكتاتيب في التعليم

وقد أشار القرآن الكريم إلى أهمية الحروف المقطعة لهذا الغرض والتي وردت في مطلع وبداية تسعة وعشرون سورة من سور القرآن الكريم وبلغت أربعة عشر حرف.

قال تعالى: “الم (1) ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ” (البقرة/ 1).

والم إشارة إلى الحروف المقطعة التي نزلت في أول سورة البقرة فهي تُقرأ بالحروف حرف ألف ثم حرف لام ثم حرف ميم وهذه الحروف الثلاثة، هي من جنس حروف الهجاء في اللغة العربية.

ومن الألف واللام والميم تشكلت الكلمات من جنس الآيات التالية في: “ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ” في كلمة ذلك وكلمة الكتاب وكلمة لا ريب وكلمة فيه وكلمة هدى وكلمة المتقين، ما يؤكد أن الحروف المقطعة تُمثل البناء اللغوي للكلمات القرآنية.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »