مقالات

(61) إن الدين عند الله… الإسلام

هذا سر الإعجاز في خلق الإنسان، فكيف يجتمع الضدان، الجسد والروح معًا، فالجسد مخلوق من تراب الأرض المادي المعتم في صورة جماد، بينما الروح النورانية الشفافة من عند الله، ومع الضدان الجسد والروح، يكون الإنسان ونفسه في الحياة.

وكيف يجتمع الضدان البعث والفناء في نفس الإنسان، فالروح المعنوية تبعث في الجسد المادي الحياة، والجسد يذهب إلى الفناء، إذا خرجت الروح منه، لكن في حياة الإنسان تكون اليد الطولى لبرنامج البعث ويضبط عمله برنامج الفناء، وكلا البرنامجين البعث والفناء ضروريان لحياة الإنسان.

فإذا طغى برنامج البعث على برنامج الفناء داخل خلايا الجسم، عاش الإنسان حياته، أمَّا إذا طغى برنامج الفناء على عمل برنامج البعث، مات الإنسان وهذا التوازن بين البعث والفناء، يحافظ على حياة ووجود الإنسان في الحياة، نموذج آخر لوجود الضدان في نفس الإنسان.

ولكن يبدو أن هناك تكامل في الإنسان بين الروح والجسد والبعث والفناء والموت في الحياة والحياة في الموت، فظاهرة التناقض وباطنه التوافق والاتفاق، إعجاز يتفوق على العلم ومصادره، دليل على عظمة الخالق سبحانه وتعالى، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.

ومن هذا الإعجاز، خلق الله آدم وأبناءه وأحفاده من جماد، فأصبح بشر سويَّا في صورة إنسان، لكن في الأصل والطبيعة، فإن خلق الجماد تختلف عن طبيعة خلق آدم من تراب بعد أن تلاقت الروح مع المادة فأصبح إنسان.

كان الإنسان قبل خلق آدم من تراب، يعيش ذرة مكتوب عليها اسمه وشكله ورسمه وحياته في عالم الذر وقبل خلق الذر، كان الإنسان عدم لا وجود له، ثم خلق الله آدم وبعث فيه الحياة، فانتقل من الموت إلى الحياة، في سلسلة متصلة الحلقات، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.

وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، يجمع فيه نفس الإنسان بين الضدين، الروح والجسد، واليقظة والنوم الموت والحياة والبعث والفناء، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »