مقالات

(60) إن الدين عند الله… الإسلام

أمر الدنيا كله عجب ولكن الأمر الأكثر عجبًا منه أمر الآخرة، فبالرغم من عدم إدراك أو فهم الإنسان، عن مصيره في الدارين الدنيا والآخرة، نجد العجب العجاب.

فالدنيا بحياتها غطائها الموت الذي لا يفارقها، والآخرة بموتها غطائها الحياة، الذي لا يفارقها، فالحياة والموت صنوان لا يفترقان، في الدنيا والآخرة.

فهناك تواصل واتصال بين الحياة والموت في الدنيا والآخرة، فمن رحم الحياة كان الموت في الدنيا ومن رحم الموت كانت الحياة في الآخرة، وهذا أمر في غاية الغرابة والدهشة، فلا الحياة كاملة في الدنيا إنما نصفها الآخر هو في الموت، ولا الموت كامل في الآخرة إنما نصفه الآخر هو في الحياة، وما بين الحياة في الموت، والموت في الحياة يتأرجح الإنسان في حياته ومماته، بين الحياة والموت.

فالموت في الدنيا يعطي قبلة للحياة، ولولا الموت لانتهت حياة الإنسان بالموت وهو على قيد الحياة، وبالرغم من أن رحلة الموت طويلة قبل الحياة ورحل الموت طويلة بعد الحياة، وبينهما رحلة الحياة القصيرة، إذا قورنت برحلة الموت.

الموت هو الأصل.. والحياة هي الاستثناء

وهذا يؤكد أن الموت هو الأصل والحياة هي الاستثناء، فلولا الموت ما كانت الحياة، ولولا الحياة ما كان الموت، فكلاهما سر من أسرار الله، الموت والحياة.

قال تعالى: “تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ” (الملك: 1- 2).

فكيف يعيش الإنسان ويموت بين النقيضين؟.. وكيف يحافظ النقيضين على بعضهما البعض الآخر في الحياة والموت، بمعنى كيف يحافظ الموت على الحياة في صورة النوم، الذي لولاه مات الإنسان وخرج من الحياة؟.. وكيف تحافظ الحياة على الموت؟، الذي لولاها ما وجد موت ولا حياة.

إنها عظمة الخالق سبحانه وتعالى، الذي خلق الموت والحياة، فيكمل كل منهما الآخر ويحافظ كل منهما على الأخر، فهما متكاملان مثل الليل والنهار والذكر والأنثى، ولكن في الباطن على وجهي نقيض.

قال تعالى: “وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى” (الليل: 1- 3).

وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فكيف يكون الموت جزء من الحياة في الدنيا؟.. وكيف تكون الحياة جزء من الموت في الآخرة؟، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »