(43) إشراقات… رمضانية
كل هذا يجعل الإنسان المؤمن المستقيم يشعر بالغبطة والسرور على تقديم الجناة لمحاكمة إلهية على رؤوس الأشهاد بلا واسطة أو محسوبية ويشعر فيها الكافر المنحرف بالحزن والخزي والعار ويتمني أن لا يكون قد أتى إلى هذه الدنيا، لأن سحقه في الآخرة سيكون على رؤوس الأشهاد، ولن يدافع عنه أحد سوى عمله وكتابه المليء بكل السرقات والمليء بكل الانحرافات وكل الأباطيل والكذب والغش والخداع، حينها لا منقذ له من عذاب الله سبحانه وتعالى وانتقام الجبار.
إن الموقف خطير والعرض على الله سبحانه وتعالى عظيم والفضيحة ستكون عامة، فهل تفكرنا في هذا الموقف أو تذكرنا ما سوف نتعرض له أو راجعنا أنفسنا، وخلينا سبيلنا وصفينا حسابتنا مع بعضنا البعض الآخر، قبل العرض الأخير على الرحمن، فريق في الجنة إلى الأبد وفريق في السعير.
وإذا كان الجلد يغلف أعضاء الجسم المختلفة ويلفها بستار محكم، كلٌ حسب تكوينه كي يخفي ما في داخلها من أسرار، فإنه يحافظ على صحة الإنسان في حياته، ويحمي الجسد من كل التغيرات التي تحيط به ويغطيه من كل جانب ويعطيه شكله الجميل الحسن ويمنحه وجهه ومظهره ويحمل في طياته إظهار صحته من مرضه في كبر حجمه ويمثل حجر الزوايا في الدفاع عنه في كل أحواله، من خلاياه المناعية المنتشرة في كل أجزائه ويمنع اختراق الجسم من خلاله ويسجل عليه كل همساته.
الإنسان المؤمن المستقيم
وهذا فيه إعجاز هائل، لأن الجلد يعرف كل شيء عن صاحبه وبأدق التفاصيل، بما يمثله من جهاز تكييف للجسم، فهو مسئول عن ضبط حرارته صيفًا وشتاءً ومن خلاياه العصبية المنتشرة حول الأوعية الدموية التي تسمح بزيادة العرق في الصيف وتنقبض في الشتاء، وفيه شبكة معقدة من الألياف العصبية، التي تنقل الإحساس بشكل معقد ودقيق بالبرد والحر عبر مسارات معينة، وأخرى تنقل الإحساس باللمس والضغط عبر مسارات أخرى وثالثة تنقل الإحساس بالألم عن طريق أعصاب الألم ورابعة تنقل الإحساس بالحس العضلي، وكل مسار من هذه المسارات يختلف عن الآخر بمسار عصبي خاص بها، ذاتي وداخلي أو خارجي متصل بالشبكة العصبية الرئيسية على مستوى الجسم.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر