مقالات

(36) إشراقات… رمضانية

هناك خلايا الذاكرة والتي تُمثل جهاز مخابراتي رقابي محترف وخفي قائم بذاته وتابع للجهاز المناعي، في وسائل الإدراك المطمورة داخل الخلايا المتعلقة بوسائل إدراك الإنسان والتي تدرس وتحلل المعلومات وتخزنها داخل خلاياه وأنسجته وأعضاءه وأجهزته، وتجاه تفاعله وتعامله مع الإنسان الآخر أو مع غيره من الكائنات الأخرى، المسئولة عن خدمة الإنسان والدفاع عنه، وهذه الرقابة الداخلية الذاتية الصارمة والحاسمة من بعض خلايا الجسم على باقي الخلايا هي التي تحدد صحة وعلاقة الإنسان مع نفسه من خلال خلاياه ومع الآخر.

وخطورة هذه الخلايا تنبع من كونها معروفة لمختلف خلايا الجسم وفي نفس الوقت لها قدرة خارقة، على التتبع والرقابة الذاتية والمتابعة وتخزين المعلومات لكل أفعال الإنسان وأعماله، تجاه نفسه وتجاه الآخر على مستوى خلاياه، فهي تملك الدليل القطعي والدامغ على إدانة الإنسان بعد تسجيل كل تصرفاته وأفعاله بشكل ذاتي وتلقائي وممنهج، فلا يستطيع الإنكار أو الخداع أو الاحتيال أو الاستنكار أو الهروب منها أو حتى التعليق عليها، لأنَّها ستكون كتاب مفتوح أمامه ومكاشفة حقيقية له تفضح حتى نواياه.

فارتباط هذه الخلايا المخابراتية العملاقة ببعضها البعض الآخر في جهاز مخابراتي إلهي معقد وقدرتها على تقدير موقف الإنسان من خلال أفعاله وما يدور داخل نفسه وذاته، حتى ولو لم يبديها لمن حوله بعد خروجها من بؤرة شعوره إلى حاشيتها ثم جماعها في قلبه وقبل أن تخرج على لسانه، تسجل عليه في ملفات كثيرة متعددة ومتنوعة حسب خطورة الجريمة، التي ارتكبها الإنسان في حق نفسه أو بالتآمر في حق الآخر.

خلايا الذاكرة تُمثل جهاز مخابراتي رقابي محترف

وإذا كان الجاسوس البشري في عالم المخابرات يستخدم كل وسائل الخداع لإخفاء نشاطه بالحقائب الدبلوماسية تارة لإخفاء المعلومات، أو كتابة الشفرات الكودية في الصحف والمجلات والراديو والتلفاز أو الأخبار السرية والمشفرة والمكودة أو أجهزة التنصت الصغيرة وكاميرات التصوير وأفلامها أو أجهزة اللاسلكي على شكل قلم أو علبة كبريت أو علبة سجائر أو زر قميص أو أخرى لنقل الحديث بخفاء أو تثبت هذه الأدوات تحت المكتب أو على الحائط أو داخل أماكن الاجتماعات السرية وغيرها من وسائل الجاسوسية المتطورة، في الزمان والمكان وتحت رعاية شبكة من الجواسيس يديرها جاسوس مجهول.

وهذا فيه إعجاز عظيم، فإمَّا أن تكون الغنيمة الكبري للمطيع وإمَّا تكون الفضيحة الكبرى للعاصي من بني الإنسان على ما جنت يداه بعد حضور أو غياب فضل المنعم عن وعيه في الدنيا فجري وراء شهوته وهواه ونسي ربه في زحمة الأحداث.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »