مقالات

(98) نهر النيل في… الإسلام

لعب البعد البشري دور خلاق في صنع الإنسان المصري على مدار العصور المختلفة، وتمكن المصري بعلمه وفكره وطول باله، من إيجادات معادلات علمية، وقدرات تقنية، في الفن والجمال وفي العمار وفي البناء وفي تقنية مزج الألوان، وتفنن المصري القديم، فأنجز الكثير من المهامات، في مجالات العلم والمعرفة والفن والإبداع، وفي كل المجالات المتعلقة بحياة الأنسان.

فالعلم والإبداع كان طعامهم، والفن والابتكار كان شرابهم، والاختراع ديدنهم، وصناعة المعجزات طريقهم في الحياة، والتفكير الدائم عن بصر وبصيرة، من حكماء مصر عبر العصور، كان شاهد على تفوقهم، وتقدمهم في كل المجالات، والبحث عن كل ماهو جديد، من حيث القدرة على استمرار تدفق الأفكار والمعلومات، بلاتوقف في كل مجال، وتسجيل كل شيء في شتي شئون ومجالات الحياة المختلفة.

وهذا وسع من مركز الدائرة، وعظم من طاقة الإبداع والإبتكار والإختراع، حتي شمل العالم كله، بجذور وأصول الإنسان الحضاري الأول، الذي خرج من مصر إلى أوربا وأسيا، والذي لم يتم الإستفادة منه في داخلها، كما تم الإستفاد منه في الخارج، على مستوي قدراته العقلية وكفائته الذهنية ومكانته العلمية.

فكان الإنسان المصري، مستودع الأسرار من العاطفة في القلب والفؤاد، وفي الهمة العإلىة في الحيوية والنشاط والعمل والإنتاج، بالرغم من إن المصري الأصيل،  يعتبر بحق وحقيق، مركز الدائرة في كل تقدم وعمران، وكل هذا أدي إلى ما نحن فيه، من الم ومعاناة وتخلف، وفقدان للبصر والبصيرة، عوضا عن الفقر والجوع والحرمان.

وغياب هذه الأبعاد الستة، عن بؤرة شعور صناع القرار عوضا عن حاشيتها، هو الذي أدي إلى دخول البلاد في متاهات، هذا النفق المظلم من التخلف والجهل والأمية، وذلك المأزق الخطير، في الفقر والجوع والحرمان، وتلك الدائرة الجهنمية، من التخلف والفوضي والإنفلات في غياب المعيار، الذي أدي إليه فشل الأنظمة في تطويع إرادة المصريين الحرة، مما ترك آثارًا سلبية على كل حياتنا اليومية.

وهذا كله، أدي إلى وجود مصرنا  الحإلىة، ضعيفة ومهزومة ومحرومة ، ومنكفئة على نفسها وذاتها، لا تستطيع أن تدافع عن مصالحها الذاتية داخل البلاد، ولا تستطيع أن تحمي مقدراتها في حدودها، ولا تتمكن من حماية ابنائها من الإنفلات الأمني، في الوقت الذي لا يأمن فيه الجميع، بما فيه المسؤل عن الأمن، في وجود خفافيش الظلام، الذين لا هم لهم سوي إرعاب الناس، في حياتهم إلىومية.

وبالرغم من الاستغاثات اليومية من جيران مصر ومحيطها الإقليمي، والفوضى التي تعم العالم، لغيابها وتغييبها بفعل أهل الظلم والطغيان، فلا تستطيع حماية نفسها من نفسها، ولا تتمكن من حماية نفسها من حقد وكراهية بعض من ابنائها، عوضا عن أعدائها المتربصين بها في الداخل والخارج على حد سواء، وبالتإلى لم تتمكن من حماية موقعها الجغرافي ولا صيانة بعدها التاريخي وعمقها الإستراتيجي، وموقعها الديني على امتداد الكرة الأرضية.

وكل هذا ناتجًا عن فقدان البصلة، وغياب الفكر والوعي السوي المستقيم، والفهم الحقيقي للذات، وعدم إدراك واعي لمكانة مصر في التاريخ والجغرافيا والحضارة والدين والإنسان، لدفعها إلى التقدم والإزدهار، وفي حضور الفكر الإنتهازي والمريض والسقيم والمحسوبية، في كل مجال، وتقديم المصلحة الشخصية، وتغليبها على المصلحة العامة، دون وجود خطوط حمراء، وما يحيط بها من دوائر من المركز وحتي الأطراف.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »