مقالات

(88) نهر النيل في… الإسلام

النيل الأزرق يُساهم بنسبة 68% من مياه نهر النيل، وهي أعلى نسبة مياه مغذية لنهر النيل، ولكن هذه المياه تصل إليه في الصيف فقط أثناء سقوط الأمطار الموسمية، وهو ما يعرف بفيضان النيل، بينما لا يشكل في بقية الأيام من العام ذات النسبة حيث تقل المياه ينبع النيل الأزرق من بحيرة تانا التي تغذيه بـ7% فقط من إيراده في المتوسط ويغذيه الروافد الأخرى بالنسبة المتبقية.

يلتقي النيل الأزرق بنهري الرهد والدندر داخل الأراضي السودانية، ويسمى بالنيل الأزرق بعد عبوره الحدود الإثيوبية السودانية، ويستمر النيل الأزرق حاملًا اسمه السوداني في مسار طوله 1,400 كم حتى يلتقي بالفرع الآخر للنيل الأبيض في مدينة المقرن بالخرطوم، ليشكلا معًا من نقطة التقاء، نهر النيل مرورًا بأراضي مصر وحتى المصب في البحر المتوسط.

مياه نهر النيل

أمَّا نهر القاش فينبع من هضبة الحبشة ويمتد بطوله في إريتريا ولا تصل مياهه إلى نهر النيل في السودان بفرعيه نهر النيل الأبيض ونهر النيل الأزرق، بل تنتهي في سهول السودان الشرقية قريبًا من مدينة كسلا، ومع ذلك يُعتبر نهر القاش أحد أنهار حوض نهر النيل.

من الملاحظ أن سرد هذه الوقائع المختصرة عن نهر النيل وأفرعه ومياهه، تعطينا فكرة عظيمة على أن السودان، هو حجر الزوايا في وجود مياه نهر النيل وتدفقه، ومن ثمَّ التحكم في جريانه وليس إثيوبيا كما يعتقد البعض، سواء كان داخل حدوده المعترف بها دوليًّا أو في إقليم بني شنقول الذي احتلته إثيوبيا في عهد الملك منليك الثاني بالتواطؤ مع الإنجليز في عام 1902.

هذه الأهمية القصوى في وجود السودان وعلاقته المحورية والأزلية بنهر النيل، هي التي استخدمها أعداء مصر والسودان، من أجل فصل مصر عن السودان في سنة 1956 وإضعاف الدولتين وإخراجهما من معادلة نهر النيل وإظهارهما أمام إثيوبيا، كأنهما يستجديان منها مياه النيل على غير الحقيقة والواقع مع أن منابع النيل الأزرق وبحيرة تانا، كلها تقع في أرض سودانية.

لؤم وخبث الإنجليز

وبدأت نقطة الانطلاق بإعطاء إنجلترا الضوء الأخضر للحبشة من أجل وضع يدها على منابع النيل باحتلال إقليم بني شنقول، ثم عقد معاهدة مع إثيوبيا في عام 1902، ظاهرها الحفاظ على مصالح مصر والسودان في مياه النيل وباطنها تقنين احتلال منبع النيل وتسليمها للحبشة على طبق من ذهب، ويبدو أن هذا كان السبب المحوري والمركزي من احتلال إنجلترا لكل من مصر والسودان.

ولم يكتفِ الإنجليز بذلك بل سعوا بكل ما يملكوا من قوة وكل ما جبلوا عليه من لؤم وخبث وخداع ورشوة مادية ومعنوية، من فصل السودان عن مصر في عام 1956، بمساعدة من الطابور الخامس داخل البلدين اللذين سهلا من عملية الانفصال في تحدٍ للأمن القومي لكل من مصر والسودان دون محاسبة على هذه الخيانة العظمى.

فصل جنوب وشمال السودان

ولم يكتفِ الغرب بذلك بل انصبت كل جهوده بعد ذلك على فصل جنوب السودان عن شماله بعد نجاحهم في إشعال الحرب الأهلية الطائفية بين الشمال والجنوب، انطلاق من وثيقة هنري كامبل بترمان، والتي على إثرها انفصل فيها الشمال عن الجنوب وتمت السيطرة على منابع النيل، بتواطؤ من الاستعمار الإنجليزي وووكلاءه على مصر والسودان مع الحبشة.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »