مقالات

(9) نهر النيل في… الإسلام

حمل نهر النيل معنى النهر ومعنى البحر في وقتٍ واحد، فهو نهر وهو بحر، وهو نهر في بحر وبحر في نهر، هذه ميزة وصفة خاصة، خصَّها الله سبحانه وتعالى وخصصها لنهر النيل دون غيره من أنهار الأرض، فبالرغم من حمله للماء العذب على امتداده، إلا أنه حمل في طياته صفة البحر في مائه المالح، لطوله واتساعه  .

لكن لماذا أعطى الله سبحانه وتعالى هذه الصفة المزدوجة لنهر النيل؟.. فهو نهر في بحر، وبحر في نهر، وكأن مائه العذب يأتي من بحره المالح، وكلاهما متصل بأنهار الدنيا وبحارها ومحيطاتها وبالأنهار والبحار في الجنة، كما تحدث عنه الرسول صلى الله عليه وسلم في الإسراء والمعراج، بأنه رأى نهر النيل ينبع من الجنة.

معنى النهر

وهل تسمية نهر النيل باليم مع أنه نهر مائه عذب له علاقة بجغرافية اسم هاجر عليها السلام والتي حمل اسمها، على طول نهر النيل وامتداده بمائه العذب في المبنى ومائه المالح في المعنى والذي يمده بالماء العذب، فظاهره عذب في سعة، وباطنه مالح في سعة، لذلك سمي بإلىم وهو على شكل زهرة اللوتس المصرية، والتي يأخذ شكلها نهر النيل من المنبع إلى المصب، مما يعني ربط جغرافية نهر النيل بالمكانة الدينية لهاجر عليها السلام.

وهل هذا هو الذي أعطى نهر النيل هذه المكانة؟، وجعل له تلك المنزلة المتميزة التي يملكها  من أجل مصر بأبعاده الاستراتيجية السبعة التي خصَّها الله سبحانه وتعالى به والذي ربط فيها نهر النيل بين الدنيا بالآخرة برباط وثيق في البعد العلمي والبعد الديني والبعد الجغرافي والبعد التاريخي والبعد الحضاري والبعد البشري والبعد الأخروي؟

الأبعاد السبعة

هذه الأبعاد السبعة التي تعتمد في وجودها على نهر النيل، ويعتمد نهر النيل على وجودها بشكل جزئي وكلي، هو الذي جعل من نهر النيل أيقونة مصر، تعتمد عليه في وجودها وحياتها وبقائها على مدار عشرات القرون، وحدوث خلل في أي بعد من هذه الأبعاد، يؤثر على مكانة نهر النيل الذي يمر في قلبها ويمس عقلها، ويؤثر على وجودها، وحضارتها في الماضي والحاضر والمستقبل.

لذلك يملك نهر النيل مفاتيح مصر ووجودها ويمتلك روحها وجسدها، بملكه لهذه الأبعاد الاستراتيجة السبعة، والتي بها تحيا مصر وتعيش، ومن غيرها لا قدر الله لا وجود لها.. ومن هنا كان أهمية تقييم مكانة ومنزلة، نهر النيل الخالد، في الكون وفي الأرض، فمن يريد أن يعرف مكانة مصر عليه أن يفهم منزلة نهر النيل فيها.

منزلة مصر من نهر النيل

وعلى عامة المصريين والمسئولين بشكل خاص، فهم منزلة ومكانة وموقع مصر من نهر النيل، وفهم منزلة ومكانة وموقع نهر النيل من مصر، خاصة الذين لا يدركون أهمية النهر الخالد، وعظم المسئولية الملقاة على عاتقهم في الحفاظ عليه وحمايته من كل سوء ومكروه يحل به، لأنه يمثل روح مصر وجسدها، وحذاري أن يمس أحد مصر بسوء ويسوءها في نهرها الخالد.

وفي نفس الوقت يبرز مكانة نهر النيل، عند الله سبحانه وتعالى، الذي أعطاه الصفة المزدوجة للنهر والبحر، فمائه العذب في الظاهر من مائه المالح في الباطن، وكأن مائه العذاب يمثل الماء العذب في أنهار الكرة الأرضية، بصفته أطول أنهار الأرض، وكأن ماءه المالح يمثل البحار والمحيطات، في الكرة الأرضية من المركز والأطراف بصفته العذبه.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »