مقالات

(1) الكتاتيب بذرة التعليم في الإسلام 

البداية كانت في دار الأرقم بن أبي الأرقم على يد المعلم الأول للإسلام محمد صلى الله عليه وسلم على سفح جبل الصفا في الجهة الجنوبية الشرقية من الكعبة في بداية الدعوة حيث يجتمع فيها مع أوائل  المسلمين في مكة المكرمة، ليعلمهم الإسلام ويقرأون ويحفظون القرآن الكريم، ثم ظهرت في غزوة بدر الكبرى، حيث عفى عن الأسرى مقابل تعليم كل واحد منهم عشرة من أطفال المسلمين.

بعدها انتشرت الكتاتيب في مكة والمدينة، وتمدَّدت حتى وصلت إلى كل أقطار العالم الإسلامي على امتداد أكثر من ألف وأربعمائة سنة، فكانت البذرة الأولى في تعليم الإسلام.

تُمثل الكتاتيب التي انتشرت في العالم الإسلامي وحتى يومنا هذا بذرة التعليم في الإسلام، بالرغم من كل المحاولات العديدة والخبيثة للالتفاف عليها ومنعها من القيام بدورها التعليمي وحتى إلغائها والتي كان لها دور محوري وبارز في بناء عقل الطفل العربي والمسلم وتنويع معارفه والذي يبدأ حياته في السنة الأولى من عمره في قراءة القرآن الكريم وتعلمه وحفظه.

أهمية الكتاتيب بالنسبة للأطفال

وهذا يُمكنه من استيعاب كل أساسيات التعليم في الحاضر ويبني عليها كل وسائل العلم والمعرفة في المسقبل، سواء كان في الحفظ والتحصيل في سن مبكرة من عمره فتزداد حصيلته الفكرية إذا حفظ القرآن الكريم علاوة على التكرار في كل الأوقات أو في مراحل عمره المختلفة.

فيصبح اللوح من الصفيح أو الخشب مع المحبرة، محور التعليم في الكتاب في المراحل الأولى وأفضل من كل وسائل العلم الحديثة، لأنَّه يضع الأساس الذي تقوم عليه القراءة والكتابة في الموبايل والكمبيوتر، حتى يتمكن القارئ للقرآن الكريم والكاتب له من كتابة ومسح كل ما يريد حفظه وتكراراه.

ونتيجة حفظه للقرآن الكريم، يحصل على حصيلة لغوية تزيد عن سبعة وسبعين ألف كلمة عدد كلمات القرآن الكريم، وثلاثة آلاف ومائتين وستة وثلاثين آية، كفيلة بأن تحوله من طفل عقله صغير إلى شخص عقله كبير ومبدع في سن الصغر والطفولة وقادر على تأهيل نفسه، فيتمكن من النهوض بفكره والذي يتحول إلى إبداع وابتكار واختراع وقادر على تحمل الكثير من المسئوليات في حياته الشخصية وحياته العامة.

وفي نفس الوقت تتسع مداركه في فهم معاني القرآن الكريم والتي تؤهله لتخطي سنه بالرغم من صغره وتمكنه من استيعاب آياته فيتمكن من تطوير نفسه وصقل ملكاته وموهبته وإثراء أفكاره وتدوين هذه الأفكار وتدويرها واتساعها وتمددها في الآفاق.

فالكتاتيب تُمثل نهضة فكرية وتنموية غير مسبوقة في عقول الصغار في سن صغيرة وتعمل على تطوير أداء الطفل في سن مبكرة من حياته.

ولولا الحفظ والتلقين التي تتبعها الكتاتيب في تعليم التلاميذ فن الحفظ من خلال البداية بكتابة حروف الهجاء ثم تكرارها وقراءتها ثم كتابتها في جمل وعبارات في سطر في سطور في فصل في فصول في باب في أبواب لتكوين كتاب له عنوان وله مقدمة وخاتمة ولذلك نسبت الكتاتيب إلى الكتاب وهي أول وسيلة للتعليم بالقلم.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »