مقالات

(55) إن الدين عند الله… الإسلام

سلسلة طويلة من الجفاء لمنهج الله على مر الزمان وإنكار ذات الله والتطاول على وجود الله، مع أن الله موجود في كل شيء له علاقة بالحياة والكون والإنسان، وكل المخلوقات القائمة على خدمته.

لكن لا تجد دليل واحد عند كل هؤلاء، يؤكد مزاعمهم التي يعيشون بها في خيالهم المريض، الذي ليس له صلة بالإنسان ويرفضه الواقع الذي يعيشه في الحياة.

وإذا كان هناك من البشر من السهل عليه، أن ينكر وجود الله وجميله عليه، الذي خلقه وصوره في أحسن تقويم ومع ذلك وبالرغم من كل ذلك، تجد الله يستره في الظاهر والباطن، فلا يغضب عليه بل يهبه الحياة، ويقدم له فرصة التوبة والرجوع إليه، عن رضا وطيب خاطر، حتى يرضى الإنسان على ربه فيرضى ربه عليه.

قال تعالى: “جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ۚ ذَٰلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ” (البينة: 8).

فليس الأسهل منه أن ينكر إنسان جميل إنسان آخر عليه، بعد أن يقضي له مصلحته ويأخذها منه، فلا يجب على الإنسان المعطي، أن يغضب من ناكر الجميل ولا يجب أن يمنع عنه جميله، تأسيًا برب البشر، الذي يعطي لناكر الجميل حياته في الحياة.

قال تعالى: “وَإِذَا مَسَّ الإنسان الضر دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إلى ضُرٍّ مَّسَّهُ كذلك زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ” (يونس: 12).

فعلاقة يشوبها الخلل في الحياة بين الله خالق الحياة والإنسان المخلوق في الحياة، قطعًا ستؤدي إلى خلل أكبر وأعمق بين الإنسان وغيره من البشر، لأن حكم المصلحة هو النافذ في كلا الحالتين.

فالله لا يستفيد شيء من الإنسان بل الإنسان هو المستفيد بشكل دائم في كل الأحوال، وإذا كانت العلاقة بين الإنسان وربه بهذا الجفاء، فكيف يمكن تصور العلاقة بين الناس القائمة على المصلحة المؤقتة والمتبادلة في كل الأوقات؟

دروس الأخلاق في الجتمع

وكأن الله يُعطينا درس من دروس الأخلاق التي تحافظ على بنيان المجتمع، ووجود علاقة بين الناس ويمنح الإنسان حصانة مادية ضد النفس الأمارة بالسوء، ونموذج في ذاته يجب الاقتداء به ضد نكران الجميل من البشر، حتى إذا ما تعرض إنسان لنكران الجميل ممَّنْ أحسن إليه لا يغضب منه بل يتركه لله يحاسبه على فعله.

وهذا يمثل عقوبة رادعة وعقاب أشد فوق طاقة البشر، لا يتحملها ناكر الجميل، لأن الناس ينكرون الجميل حتى مع الله، فليعلم الإنسان أن الجميل قد ينكر ولو كان الذي فعله الله.

وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فعقوبة نكران الجميل لله من البشر قوية، وهي أشد وأقوى وأعظم من ناكر الجميل من البشر للبشر، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »