مقالات

(1) مصر… في الحج

مصر هي الحاضر الغائب في مناسك الحج وسننه وأركانه، بروحها وجسدها وبإيمان أبنائها وصبرهم على المتاعب والمحن والذي تجلي في موقف هاجر وابنها إسماعيل عليهما السلام، وسوف نطوف حول هذا المعنى في كل المقالات عن مصر في الحج، ونقوم باستباط بعض من المعاني التي تؤكد هذا المعنى، وفيه الكثير من العبر والآيات، التي جعلت من الحج رحلة الإنسان إلى الله، في ثوب الآخرة، لعله يفيق ويتعظ، ويفهم أن وجوده في الدنيا مؤقت.

فكان الحج ومشاعره ونسكه آيات تتري، خص بها الله إبراهيم وهاجر وإسماعيل عليهم السلام، بالرغم من حج الملائكة التي بنت البيت العتيق وسبقت آدم عليه السلام في مكة المكرمة، وإذا كانت فريضة الحج ومناسكه وشعائره، متعلقة بإبراهيم عليه السلام ولقبه  أبو الأنبياء، فإن هاجر عليها السلام هي أم العرب وابنها إسماعيل عليه السلام، هو أب العرب وقبائلهم الاثني عشر.

ومن العجيب أن الذي منح إبراهيم عليه السلام لقب أبو الأنبياء، هي مصر في شخص هاجر وابنها إسماعيل عليهما السلام، فلولا هاجر ما كان إسماعيل ولولا إسماعيل، ما كان إسحاق ولولا إسحاق، ما كان يعقوب وأبنائه الاثني عشر أسباط بني إسرائيل عليهم السلام.

وفي نفس الوقت فإن هاجر عليها السلام، هي أم الذبيح إسماعيل عليه السلام، والذي أنقذه الله سبحانه وتعالى وفداه بكبش من الجنة تم ذبحه بواسطة إبراهيم عليه السلام في منى وقيل في البيت الحرام، وظل العرب يتناقلون رأس الكبش من إسماعيل إلى عدنان ابن إسماعيل عليه السلام والجد العشرين للرسول وانتهت إلى محمد صلى الله عليه وسلم.

الآثار المترتبة على إنقاذ إسماعيل عليه السلام من الذبح

وكان من ضمن الآثار المترتبة على إنقاذ الذبيح إسماعيل عليه السلام من الذبح، أن وهب الله سبحانه وتعالى إبراهيم عليه السلام، إسحاق نافلة وزيادة ومن وراء إسحاق يعقوب، نظير وفاء إبراهيم عليه السلام وصبر إبراهيم وهاجر عليهما السلام، على ذبح ابنهما الوحيد إسماعيل، وفي مقابل طاعة إسماعيل لأبيه إبراهيم عليه السلام، في تنفيذ أمر الله ومن ثمَّ إنقاذ إسماعيل عليه السلام من الذبح، بكبش من الجنة، قال تعالى: “وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ” (الأنبياء: 72).

وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فمصر هي التي منحت الألقاب الثلاثة لإبراهيم وهاجر وإسماعيل عليهم السلام، فهي التي منحت إبراهيم عليه السلام لقب أبو الأنبياء وهي التي منحت هاجر عليها السلام لقب أم العرب، وهي التي منحت إسماعيل عليه السلام لقب أبو العرب، وستظل هذه الألقاب متصلة بأصحابها ومن حملوها إلى يوم القيامة.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »