مقالات

(4) مكانة العلم والعلماء في الإسلام 

ومن فضل العلم ومكانته في الإسلام الذي يجب أن نعرفه أنَّ حاسة الكلام المعبر عنها باللسان ومداركه لا تنمو ولا تتطور إلا بصحة آلة السمع في الأذن وكذلك مداركات الفهم في العقل لا تنمو ولا تتطور إلَّا في وجود الرؤية وسلامة النظر الذي يعبر عنها بالبصر في سلامة آلة الرؤية في العين، فالذي يستخدم حاسة السمع والبصر في العلم ومعرفة حقيقة الإيمان والدعوة التي دعا إليها محمد صلى الله عليه وسلم يدرك أنها دعوة الحق.

أمَّا الذي فقد حاسة السمع والبصر فهو أعمى ليس البصر فحسب وإنَّما البصيرة أيضًا والتي تتحدث له بالحق بين نفسه وتنطق به بين جانبيه وتهمس له به في أذنيه ويراها بأم عينيه ولكنه يتجاهلها دعوة للحق والهدى والرشاد فلا يلبي ندائها ولا ينصت إلى صوتها في ذات صدره وخلايا جسده.

فأصبح كالأعمي الذي لا يري ظاهر الأمور فما بالك بباطنها، قال تعالى: “أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إليكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ” (الرعد/ 19).

أهمية العلم والعقل

ومن فضل العلم ومكانته في الإسلام الذي يجب أن نعرفه أن الله سبحانه وتعالى أمر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالدعاء طلبًا للعلم واستزادة من فضله لما للعلم من شرف ومكانة عند الله بالرغم من المكانة العلمية والمنزلة العالية التي يتقدَّم فيها محمد صلى الله عليه وسلم على سائر خلق الله من الملائكة والبشر وهي منزلة خاصة به.

فالبرغم من أميته وعدم قدرته على التفريق بين اسم الحرف ومسماه إلَّا أنَّه أعطي علم لا ينازعه فيه أحد وسوف نتحدث عن هذا العلم في مطلع حديثنا عن علمه صلى الله عليه وسلم.

ومع ذلك يأمره ربه بتعلم المزيد من العلم ويطالبه بطلب المزيد منه، قال تعالى على لسان نبيه: “وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا” (طه/ 114).

ومن فضل العلم ومكانته في الإسلام الذي يجب أن نعرفه أن العلم حياة ونور والجهل موت وظلمة وأن العلم يحيي القلوب والأبدان ويجعل الإنسان منتعش بالحياة يتنفس الهواء ويأكل الطعام ويحافظ على نسله من الانقراض كالأرض الموات التي لا زرع فيها ولا ماء وفجأة تمتلئ بالماء والزرع والثمار فتنبض بالخضرة وتمتلئ بالحياة .

فالعلم الممزوج بالإيمان يُحوِّل الأرض الجرداء الصماء الترابية إلى مروج خضراء تنبعث منها وفيها رائحة الحياة من كل جنباتها ونور يشع فيملأ الآفاق فتمتلئ الحياة عن آخرها بهجة وسرور ورخاء.

ومن هنا كانت مكانة العلم والإيمان في الإسلام وهذا أمر ملح وضروري لاستكمال مسيرة الآخرة التي من أجلها خلقت الحياة.

أما نهاية الجهل والكفر والإلحاد فكانت في الظلم والطغيان وظلمات مركبة بعضها فوق بعض والتي تكاد تأذن بنهاية الحياة وهكذا يُحي الله قلب الجاهل بالعلم وظلمة الكفر بنور الإيمان، فالخير كله في الحياة والنور والشر كله في الموت والظلمة، مصداقًا لقوله تعالى: “أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ” (الأنعام/ 122).

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »