مقالات

(3) مكانة العلم والعلماء في الإسلام

وكلا العلميْن المادي والمعنوي موهوبيْن من الله سبحانه وتعالى بعد أن وهب الله سبحانه وتعالى العقل للبشر مع طلاقة التفكير في وجود محاذير وخطوط حمراء تمنع العقل من الخروج عن المألوف فيقع في دائرة الجهل والظن والشك والوهم بعد أن كان أميًّا لا يفرق بين اسم الحرف ومسماه فيسعى بكل ما يملك إلى نفي تحريف المغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين كما جاء في الأثر عن النبى صلى الله علىه وسلم: “يحمل هذا العلم من خلف عدوله ينفون عنه تحريف المغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين”.

ومن فضل العلم ومكانته في الإسلام الذي يجب أن نعرفه أن الله سبحانه وتعالى لا يساوي بين أهل العلم وغيرهم من البشر، لأن لهم مكانة خاصة عنده سبحانه فهم أهل الله وخاصته من خلقه وبهم يُضاء الكون بنور الله المستور والذين يكشفون عنه الستارة فيتساوى مع عظمة النور المنظور الذي يملأ الكون كله بهجة وسرور خاصة إذا توافق النور المنظور وتكامل مع النور المستور، الذي أصبح منظور بفضل أهل العلم، وجهدهم المشكور الذي ليس له حدود في إماطة اللثام عن الأنوار المستورة والباطنة والتي تتحول بجدهم وتفكيرهم إلى واقع ملموس يؤكد عظمة خالقهم ومكانته عنده.

قال تعالى: “قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ” (الزمر/ 9).

مكانة العلم والعلماء في الإسلام

ومن فضل العلم ومكانته في الإسلام الذي يجب أن نعرفه أن العلماء هم أكثر الناس خشية لله سبحانه وتعالى، لإدراكهم فضله وعلمه ولمعرفتهم مقامه عند نفسه وخلقه ومنزلته في نفوس أهله من المؤمنين به وعلوا شأنه على غيره ممن سواه وعظم مقدرته وقدره وعلمه اللامحدود والذي ليس له حدود وعلمهم القائم علىه الدليل والبرهان بتفرده في الخلق، وإبداعه في صنعته وتركيبه الملفت بشكل معجز وحكمته في هذا الخلق المتناهي في الصغر والمتناهي في الكبر ضئيلًا كان أو ضخمًا في خلقه ومكوناته.

وعظم شأن هذا الخلق بهذا الترتيب والتنسيق والتركيب في الشكل المعجز والمضمون المبهر وفي وظائف وعمل كل المخلوقات الدقيقة منها وغيرها على اختلاف ألوانها وأشكالها وأنواعها وأحجامها وبنيتها الداخلية والخارجية الظاهر منها والباطن وطرق معاشها في الإنسان والحيوان والطيور والحشرات والنبات والجماد بهذه التقنية عالية الجودة، والتي لا يطالها عطب وذلك الفن الرفيع البارع الذي لا يمثله فن في الأصل والجوهر والمضون حتى إنك لا يمكن أن تجد تعبير عما يجيش بنفسك من كثرة هذه الخشية إلا كما قال هو سبحانه وتعالى: “إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ” (فاطر/ 28).

ومن فضل العلم ومكانته في الإسلام الذي يجب أن نعرفه أن المكانة الرفيعة والمنزلة العالية التي لا تطالها مكانة ولا تسبقها منزلها جعلها الله سبحانه وتعالى ومن بها على أهل الإيمان والعلم.

لا إيمان دون علم

فلا إيمان دون علم ولا علم دون إيمان فكلاهما مرتبط ببعض برباط وثيق كالروح والجسد، بأن منحهم الدرجات العلى، التي جعلتهم في مكانة مرموقة لا يضاهيها مكانة ولا منزلة فلا يتقدمها ملك مقرب أو يحول بينها رسول مرسل ولا يعلو عليها درجات، لأنها أرفع الأوسمة وأعلى النياشين التي منحها رب العالمين لعلمائه على قدر مكانته ومنزلته وعطاءه فلا يمكن تصور أو تخيل هذه المكانة وتلك المنزلة للعلماء ولا صنف هذه الدرجات العلى، إلَّا مصداقًا لقوله تعالى: “يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ” (المجادلة/ 11).

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »