مقالات

(81) مصر… في الحج

نهر النيل، نهر زمزم، نهر الكوثر.. ثلاثة أنهار من الجنة، كانت مصر في الحج، سببًا في وجود هذه الأنهار الثلاثة، وهي أنهار متصلة بأركان الحج ومناسكه، ومتواصلة مع مصر في البداية بعمر الأرض من أكثر من 3 مليار سنة، حيث يعتبر نهر النيل، أطول أنهار الأرض، بطوله البالغ 6660 كم ومساحته البالغة 3.4 مليون كم2، ونهر النيل يمثل نهر في بحر لسعته وطوله، ويمثل بحر في نهر لمياهه العذبة.

وبئر زمزم نهر في بئر وبئر في نهر، ويمتد منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة ولا يعرف طوله، لأنه متعلق بمصدره الذي يبدو أنه من الملأ الأعلى في الجنة مثل نهر النيل، لأن جبريل عليه السلام، ضرب الأرض بإحدى جناحيه فتدفق ماء زمزم من الملأ الأعلى.

أنهار متصلة بأركان الحج

ونهر الكوثر في الجنة، يُعتبر امتداد للنهرين في الآخرة، بامتداد هاجر وإسماعيل عليهما السلام، إلى محمد صلى الله عليه وسلم، ولا يعرف طول نهر الكوثر ولا سعته، وهو نهر عظيم في الجنة يتفرع عنه سائر أنهارها، حافتاه قباب من دُرِّ مجوف وذهب وفضة وطينه مسك، وحصباؤه ياقوت ودر وماؤه أشَدُّ بياضًا من اللبن وأحلى من العسل وريحه أطيب من المسك، أعطاه الله نبيه محمدًا حين لقيه في أثناء معراجه.

وكما أعطي الله الخير الكثير لمحمد صلى الله عليه وسلم في الدنيا، والخير الوفير في الآخرة، كان نهر الكوثر الذي منحه الله إياه، في سورة الكوثر ثم يدعوه إلى الإخلاص في عبادة الله وحده في الصلاة المكتوبة والنافلة ونحر الذبيحة، على اسم الله وحده لا شريك له، احتفالًا  بالنسك، فالمراد بالنحر ذبح المناسك، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي العيد ثم ينحر نسكه ويقول: “من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا، فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له” فهو يوم الذبح ويوم يشتهي في اللحم.

وامتدادًا لدعوة الإسلام في الدنيا والنتائج المترتب عليها في الآخرة بوجود نهر الكوثر، يؤكد أن مبغض محمد صلى الله عليه وسلم وما جاء به من الهدى والحق والبرهان الساطع والنور المبين، هو الأبتر الذي لا عقب، قال تعالى: “إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ” (الكوثر: 3).

ترديد اسم محمد صلى الله عليه وسلم

كما أن محمد صلى الله عليه وسلم يتردد اسمه، عند قدوم الإنسان إلى الدنيا وعند خروجه  منها إلى الآخرة.

كما أن محور حياته يدور حول اسمه صلى الله عليه وسلم، كما يتردد اسمه في الأذان وفي الصلوات الخمس وصلوات الضرورة وغيرها، على امتداد الكرة الأرضية وفي العقيدة والعبادة والمعاملة مما يعني أن الابتر هم أعداؤه، ونزلت في فراعنة الحجاز أبو جهل عمرو بن هشام وأبو لهب بن عبد المطلب والعاص بن وائل، وعقبة بن أبي المعيط، كعب بن الأشرف وجماعة من قريش وغيرهم، أن الأبتر الذي إذا مات انقطع ذكره، وكانوا إذا مات أبناء الرجل من الذكور قالوا: بتر، فلما مات أبناء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: بتر محمد، فأنزل الله: “إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ” (الكوثر: 3).

تمت مقارنة بين التركيب الكيميائي لكل من ماء زمزم والماء العذب، فوجد تباينًا ملحوظًا في خصائصهما الكيميائية المختلفة، إضافة إلى درجة القلوية (8) ، بينما كانت في المياه العادية (7.2)، وتركيز المعدن (مليجرام/ لتر)، فالصوديوم في ماء زمزم 133 مجم، بينما في الماء العذب 37.8، والكالسيوم في ماء زمزم 96 بينما في الماء العذب 75.2، والمغنسيوم في ماء زمزم 38.88 بينما في الماء العذب  6.8، والبوتاسيوم في ماء زمزم 43.3 بينما في الماء العذب 2.7.

والبيكربونات في ماء زمزم 195.4 بينما في الماء العذب  70.2، الكلوريد في ماء زمزم 163.3 بينما في الماء العذب 73.3، الفلوريد في ماء زمزم 0.72 بينما في الماء العذب 0.28 ، النترات في ماء زمزم 124.8 بينما في الماء العذب  2.6، الكبريتات في ماء زمزم 124  بينما في الماء العذب  107، مجموع المواد القلوية الذائبة في ماء زمزم 835 بينما الماء العذب 350.

فنهر النيل نهر في بحر وبحر في نهر وماءه عذب، أمَّا نهر زمزم فهو بئر في نهر ونهر في بئر وماءه مميز عن نهر النيل، ونهر الكوثر ماءه مميز عن النهرين ومنه تخرج كل أنهار الجنة.

وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، أن يكون هناك رباط بين الأنهار الثلاثة النيل وزمزم في الدنيا والكوثر في الآخرة.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »