مقالات

(73) مصر… في الحج

لم يكن الهدف من الحج هو الذهاب إلى مكة المكرمة، من أجل  تأدية مناسك الحج وفقط، في موسم الحج ولكن أيضًا نقل نقل قيم وأخلاق الحج، إلى واقع الناس في الحياة العملية بحيث تصبح ممارسة عملية على أرض الواقع، منبثقة من أعماله في الحج وأفعاله، فالحج فيه كلمات تعلي من معنى الوحدانية والكبرياء لله، والذي يرتبط بالذكر الدائم لله في كل الأوقات.

وهذا الذكر ينطلق من إعلان الولاء لله سبحانه وتعالى وحده، فالكبرياء لله وحده وهو ما يجب أن يدور عليه حياة المسلم بعد رجوعه من الحج، في أقواله وأفعاله وأعماله “الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. لا إله الا الله.. الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.. ولله الحمد.

وهذا معناه أن هناك رباط بين رحلة الحج ومناسكه في الدنيا ورحلة الإنسان إلى الآخرة، وما بين الرحلتين يكون هناك دوام للذكر في الله وأكبر، واستمرار في أداء الطاعات والبعد عن المنكرات، التي لها علاقة بالعقيدة والعبادة والمعاملات مما تؤهل الإنسان لرحلة الآخرة.

لذلك كان الحج مرة واحدة في العمر على غيره من أركان الإسلام، مما يؤكد مكانته العظيمة ومنزلته الرفيعة بين أركان الإسلام الأخرى، ففيه الامتثال لأوامر الله كما فعل إبراهيم وهاجر وإسماعيل عليهم السلام، وفيه كان إعلان الانتصار على الشيطان وألاعيبه، وما يمثله من مكامن ونوازع  للشر في نفوس البشر، وهذا الإعلان المدوي في الحرب على الشيطان ضروري لإظهاره مدى عداواة الشيطان للإنسان.

الذهاب إلى مكة.. الحج عنوان للولاء الدائم لله

فكان الحج عنوان للولاء الدائم لله، وكان فيه إعلان الحرب على الشيطان، حتى لا ينسى الإنسان المسلم مواقف الشيطان مع آدم أبو البشر، فيأخذ الحيطة والحذر، حتى لا يقع في حبائل الشيطان، فكان الحج بمثابة الفاكسين ضد نوازع الشر وأمراضه الناجمة من شطط الشيطان وإغراءاته للبشر في القتل والفساد والانحرافات الأخلاقية.

وهذا يؤكد استمرار التوجيه والحض على الطاعة المنبثقة من الإيمان بوحدانية الله، في أركان الإسلام الأخرى، والمتمثلة في الشهادتين والزكاة والصلاة والصيام، فالشهادتين تترددان على مدار اللحظة، والصلاة خمس مرات في اليوم والليلة، والصيام مرة واحدة كل عام والزكاة مرة واحدة كل عام والحج مرة واحدة في العمر، وهذا معناه أن ثواب الحج ممتد حتى نهاية حياة الإنسان إذا حافظ على إعلان الولاء لله في العبادة والمعاملات، كما كان في الحج.

وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، يؤكد الارتباط العضوي بين أركان الإسلام في العبادات مع بعضها البعض الآخر في العقيدة والمعاملات، وفيها إعلان الولاء لله والحرب على الشر الذي يمثله الشيطان، وفيها قضاء على فكر الملحد الذي ينكر وجود الله وعلى فكر الكافر الذي ينكر وجود بعث في الآخرة.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »