مقالات

(37) إن الدين عند الله… الإسلام

مع ذلك وبالرغم من كل ذلك ادعى فرعون الألوهية بالرغم من أنه لا يستطيع أن يقضي حاجته بنفسه ولا يستطيع أن يخرج بوله من جسده، علاوة على نفسه ومائه وهوائه، الذي يعيش بهم من فضل ربه، فأظهر الله هذا الخلل النفسي والهلع الذي أصاب الفرعون، في آيات تتلى إلى قيام الساعة.

قال تعالى: “فَكَذَّبَ وَعَصَى (21) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (22) فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى (25) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى” (النازعات: 21- 26).

وأمر في غاية العجب والغرابة، أن يضرب الله نموذج الغنى والثراء الفاحش بقارون  المصري ووزير خزانة الفرعون، والذي ادعى العلم بجمعه المال.

قال تعالى: “قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي ۚ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ۚ وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ” (القصص: 78).

والأعجب من ذلك كله، أن يكون كل هذا الانحراف عن طبيعة الفطرة، تحت غطاء وحماية ورعاية من قادة الجيش الفرعوني “هامان” الذي اغتر بحمايته للفرعون وضلاله، فكان مصير فرعون وهامان وجنودهما الغرق في البحر الأحمر.

القضاء على حضارة الفراعنة وادعاء الألوهية 

وكانا سببًا مباشرًا في القضاء على حضارة الفراعنة، طمعًا في السلطة وجري وراء المال، وهذا نموذج مصغر وسببًا قائمًا ودائمًا، لانهيار الأمم واختفاء الحضارات، والذي يكون سببه بضعة أشخاص يتميزون بالفشل والفساد.

في الوقت الذي نجد فيه القاعدة العريضة من الشعب المصري، تؤمن بوحدانية الله التي ورثتها من مصرايم حفيد نوح عليه السلام، ولم يخل البيت الفرعوني نفسه من إيمان زوجة الفرعون وماشطة ابنته وخدمه والرجل المؤمن من آل فرعون وسحرة فرعون، وكلها نماذج عرضها القرآن الكريم، عن إيمان أهل مصر وتوحيدهم لله، وسوف أعرضها في إعجاز بالتفصيل تباعًا إن شاء الله تعالى.

وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، يؤكد أن انهيار الحضارات لا تأتي من فراغ، وإنما تأتي من داخلها، على أيدي المكذبين برسالات السماء ومن على شاكلتهم، مثل نموذج فرعون وهامان وقارون، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »