مقالات

(164) نهر النيل في… الإسلام

كان لظهور وثيقة هنري كامبل في غمرة الأحداث، امتداد للحروب الصليبية وتأكيد العداوة الظاهرة والباطنة في تصرفات حكام الغرب تجاه الشرق، بعد أن اعتقد البعض في الشرق أنها قد انتهت بنهاية الحروب الصليبية وسوابقها وتوابعها، التي حملت صفة القتل والإرهاب على مدار الف سنة، كانت تأتِ فيها جيوشهم للهيمنة والسيطرة على الشرق الإسلامي.

وفي بنودها الخلافات الحدودية بين دول حوض النيل، هي التي أججت الصراعات والخلافات الحدودية بين الدول والفتنة الطائفية داخل الدولة الواحدة، هي التي أشعلت النار في نهر النيل، كي يتم تقديمه قربان لبني إسرائيل ولم يفهم هنري كامبل، أن النيل حمى بني إسرائيل بحبه وحنانه ولكنه يمكن أيضًا أن يحرقهم بثورته وغليانه وبركانه.

مساوئ وثيقة هنري كامبل

لأن نهر النيل هبة من الله لمصر، فليريح بني إسرائيل أنفسهم في الغرب والشرق ومن شايعهم، فنهر النيل محمي من بني إسرائيل في الجنوب والشمال، بقدرة الله وليس بقدرة الأنطمة، التي حكمت مصر على مدار عشرات القرون، وكلها مسألة وقت تعود فيها الأمور من جديد إلى نصابها وسابق عهدها، ويعود الجميع إلى مكانهم كما كانوا من قبل، هذا الخرق العظيم.

وبالرغم من أن غياب الحكم الرشيد، يلغي معه الشفافية والمحاسبة والتداول السلمي للسلطة ويؤدي إلى سريان قانون الغاب، عندها تلعب الفتنة برؤوس الثعالب الماكرة، التي أعدت العدة من أجل إدخال البلاد في متاهات ويسهل الحيتان والقطط السمان المهمة، من أجل الاستيلاء على السلطة والحصول على الكثير من الأموال.

مقابل سريان الفوضى وتعميمها في كل أنحاء البلاد، وعلى إثرها يتم تقطيع أوصالها إلى  قطع صغيرة، يحكم كل واحد منها لقيط على مقاس وطول وعرض الاستعمار ويتحول الجميع إلى خدم وعبيد، يقدمون فروض الطاعة والولاء لأسيادهم من دوائر الاستعمار، من أجل أن يظلوا أحياء في هذه الحياة.

فينتشر الفقر والجوع والحرمان وانعدام حقوق الإنسان مع ضياع العدالة، واستشتراء الظلم والطغيان لا مكان فيها للإنسان، إنما المكان فيها للرأي الواحد، والتي يتصدرها الفاشلين والفاسدين والمرتزقة في غياب القانون، وتقسيم الشعوب إلى سادة في القمة وعبيد من الأغلبية.

والغريب والعجيب في كل هذا السيرك الذي يحركه الهواة، ويلعب فيه السحرة الدور المحوري والعمود الفقري حسب أهوائهم ومطامعهم ومصالحهم الشخصية، تجد الشعوب غائبة، ولا وجود لها على مسرح الأحداث، بالرغم من الآفات وكل الأمراض وبالرغم من كل الضياع وكل الحرمان.

حماية البلاد من الأعداء

ولكي نحمي بلادنا ونمنع قتل أبنائنا وتسود الحرية والعدالة والصدق والأمانة والشفافية والمراقبة بين الناس، علينا أولًا بالعودة السريعة إلى الحكم الرشيد، كي يفرز قيادات قوية مؤمنة بحق الناس في الحياة، وتدافع عن مصالح شعوبها، وتسعى إلى حمايتها في كل الأوقات، وتقدم إلى المساءلة والمحاكمة والمحاسبة، إذا قصرت في تحقيق التنمية المطلوبة، كي يعيش الناس حياة آمنة ومستقرة، لا تقتصر على الحاكم وأسرته وموالاته فقط ولكن تعم كل الناس بمختلف الطوائف والانتماءات.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »