مقالات

(94) نهر النيل في… الإسلام 

امتزج البعد التاريخي لنهر النيل مع البعد الحضاري وارتبط معه برباط وثيق، فلعب كلاهما دور محوري، ومؤثر في مجرى الأحداث وتحديد مساراتها في تاريخ وحضارة مصر، فوفر مقومات الحياة البشرية في مصر من العصر الحجري القديم، نظرًا لنمو النباتات والأعشاب والأشجار واستيطان قطعان من الحيوانات من الأبقار والأغنام، فاعتمد الإنسان على صيدها باستخدام آلات بدائية عُثر على كثير منها في صحراء مصر الشرقية والغربية.

ثم دفعت التغيرات المناخية في مصر القديمة، السكان نحو الهجرة إلى نهر النيل، نتيجة  الشعور بالجفاف وندرة الأمطار، فظهر نمط جديد من الحياة والعيش في المجتمعات البدائية في مصر، تعود إلى العصر الحجري الحديث، منذ حوالي عام 5800 ق. م، في مناطق الفيوم ومصر الوسطى والبداري وتاسا في الوجه القبلي.

أدرك المصريون القدماء بذكائهم وفطنتهم أهمية نهر النيل منذ القدم، فهو واهب الحياة ومصدر غذاء مصر وشعبها في طعامها ومؤونتها، فاجتهدوا في ابتكار طرق مختلفة تهدف إلى الاستفادة من مياه النهر بأقصى طاقة ممكنة من خلال تنظيم الري، وحفر الترع لزراعة أكبر مساحة ممكنة من أرض الوادي.

فمكن فيضان نهر النيل وانحساره في أوقاته الموسمية، المصريين من الاستفادة منه، إذ يفيض في الصيف والأرض في أشد الحاجة إلى الماء، فيجدد نشاطها وحياتها، وينحسر في وقت يناسب فيه الزراعة، فتُبذر في أرضها الحبوب، فكانت بداية اهتداء المصريين القدماء لفكرة التقويم النيلي، الذي يعتمد على نهر النيل فيبدأ بالفيضان مع ظهور نجم الشعري اليمانية عند مستوى مدينة منف في 19 من شهر يوليو من كل عام.

البعد التاريخي لنهر النيل

حيث تشير الوثائق التاريخية والآثار المصرية إلى اتصال المصريين القدماء في جنوب مصر مع بلاد كوش ويام وبونت وإقليم بحر الغزال، أحد روافد نهر النيل في جنوب السودان، منذ عصور الدولة القديمة، فحرصوا على الوصول إلى النوبة والسودان في الأسرة السادسة.

نظم حاكم الصعيد حرخوف أربع حملات استكشافية إلى إفريقيا بناء على أوامر من الملكين مر-إن-رع وبيبي الثاني حوالي 2200 قبل الميلاد، وسجل حرخوف رحلاته في مقبرته في أسوان، نقلته العالمة الفرنسية كلير لالويت في دراستها عن الفراعنة في مملكة مصر زمن الملوك الآلهة، فقالت البرقية: أرسلني سيدي صاحب الجلالة مر-إن-رع، في صحبة والدي الصديق الأوحد، والكاهن المرتل إيري إلى بلاد يام لاستكشاف دروبها، أنجزت هذه المهمة في غضون سبعة أشهر، وجلبت منها شتى أشكال الهدايا الجميلة منها والنادرة ونلت من أجل ذلك المديح كل المديح.

تقسيم السنة

قسَّم المصريون السنة إلى 365 يومًا، وكانت السنة تتكون من 12 شهرًا، كما قسموا السنة إلى ثلاثة فصول أخت وبرت وشمو، بناء على أحوال نهر النيل، في فصل الفيضان وبذر البذور، فأخت يبدأ مع بداية الفيضان، من منتصف يوليو إلى منتصف نوفمبر، وبرت يبدأ في فصل الشتاء من منتصف نوفمبر إلى منتصف مارس، وشمو يبدأ في فصل حصاد الزرع، من منتصف مارس إلى منتصف يوليو.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »