مقالات

(82) نهر النيل في… الإسلام

ما زال الحديث مستمر ومتجدد عن البعد الديني لنهر النيل، فكما حمى نهر النيل موسى عليه السلام من بطش الفرعون، مكن نهر النيل عيسى عليه السلام من الوصول إلى أرض مصر بسلام، هربًا من بطش الملك الطاغية هيرودوس الذي حاول قتل عيسى عليه السلام، حتى لا يأخذ منه الحكم، فكان نهر النيل طرفًا أصيلًا في هذه المطاردة بين عيسى عليه السلام وعمره لا يتعد 18 شهر مع أمه مريم وكفيله يوسف النجار، وبين جواسيس هيرودوس على امتداد نهر النيل.

فالرحلة المقدسة التي قام بها عيسى وأمه عليهما السلام إلى مصر، ومسارها داخل المدن المصرية، تؤكد بما لا يدع مجالًا للشك، أن عيسى عليه السلام بشر وهرب مع أمه من فلسطين، خوفًا عليه من القتل على يد الملك الطاغية هيرودوس والذي يخاف هو البشر، والذي يهرب من القتل هو البشر ولو كان عيسى عليه السلام، هو الله أو هو ابن الله، ما خافت عليه أمه، وما أتت بها إلى مصر وما حماه نهر النيل، ولا كان له أم أصلًا.

البعد الديني لنهر النيل

فالرحلة المقدسة التي قام بها عيسى وأمه عليهما السلام وكفيله يوسف النجار، ترفع عنه الغطاء باعتباره بشرًا رسولًا، وليس كما يدَّعي أتباعه بني إسرائيل أنه إله أو ابن إله، وتؤكد بما لا يدع مجالًا للشك أنه طفل ولد في بني إسرائيل، وكان الحمل فيه دون أب في وجود الأم بعمرها الصغير الذي لا يتجاوز 13 عام، وولادته طبقًا للمعايير الطبية والعلمية، أسهل بكثير من الحمل والوالدة في أمه مريم عليها السلام من زوجين عقيمين، هما عمران وحنة، ومن الحمل والوالدة في يحيى من زوجين عقيمين هما زكريا عليه السلام وأليصابات.

كانت مصر ملجأ لليهودية والمسيحية، فحمى نهر النيل موسى وعيسى عليهما السلام، ودخلها الإسلام ناشرًا عدله وسماحته على الجميع، فاليهودية نزلت على موسى عليها السلام في أرض مصر، وحمت مصر المسيحية بحماية نبيها عيسى عليه السلام وأمه، والإسلام انتشر في ربوعها، وكان له باع طويل في الحفاظ على اليهودية والمسيحية.

محاولة قتل عيسى عليه السلام

وعندما تمكن هيرودوس الملك الروماني من قتل زكريا ويحيى عليهما السلام، خوفًا على ملكه، التفت إلى المسيح عليه السلام، لكي يقتله فلما فشل، قرَّر قتل جميع الأطفال الذكور في بيت لحم دون السنتين، نفس الفكر الفرعوني في مصر، فلم تجد مريم عليها السلام بدًا من أن تبحث على ملاذ آمن وملجأ تلجأ إليه سوى مصر، فقررت الهرب إليها مع طفلها  ويوسف النجار كفيله من بيت لحم بفلسطين.

دخلت العائله المقدسة مصر، بواسطة نهر النيل من طريق غير معروف لجنود هيرودوس  وجواسيسه، الذين راحوا يتتبعون عيسى ويطاردونه للقضاء عليه، وهو ما جعلها تغير مكان إقامتها على امتداد مدن مصر المختلفة، حيث تقول المصادر الشرقية والغربية، إن عمر المسيح كان حوالي 18 شهرًا، مرت العائلة بثلاثة مواقع في شمال سيناء وثمانية عشر موقعًا في وادي النيل ودلتاه، ثم وصلت إلى وادي النطرون في الصحراء الغربية، وجبل الطير في الصحراء الشرقية، وعبرت المجرى الرئيسي لنهر النيل أربع مرات.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »