مقالات

(14) الإنسان… بين الدنيا والآخرة

ضاع الإنسان في قبضة من هواء في يده وبين نفسه وهواه ومخالب الشيطان، فبدلًا من أن تكون الاستقامة والخوف من الله هدفه في الحياة، كان الانحراف في كل شيء طريقه الذي ارتضاه لنفسه في الحياة، بمجرد أن تفتحت عينيه على الحياة، فلا يجد إلا نفسه وهواه والشيطان.

فساقه غروره وهواه وشيطانه إلى مرابط النفاق، فكان الكذب والغش والخداع طريقته في الحياة، وكان إخلاف الوعد وخيانة الأمانة تجري في عروقه مجرى الدم ومضى به الكذب، في كل ضروب النفاق، فيسرق ويزني ويقتل ويرتكب كل الموبقات.

ولم يكتفِ بكل الذي فات، إنما اعتاد على النفاق، بعد أن اتخذه حرفة في الحياة، فتفنن في الخداع والاحتيال، وكان طريقه في ذلك الخبث واللؤم والخيانة والعمالة للنفس والأهل والأسرة والأوطان.

وكل هذا دفعه إلى التفنن في ارتكاب كل جرائم التعذيب والقتل خارج القانون، لأنه يُمثل القانون في الكثير من الأحيان.

قال تعالى: “وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ ۖ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ۖ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ ۖ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إليٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ” (التوبة: 101).

وبالرغم من أن خلافة آدم في الأرض عن الله، كان محورها تعرفة الإنسان بالله في قلبه من خلال العقيدة والتدليل على ذلك لنفسه في العبادات، وتاكيد كل ذلك من خلال المعاملات مع الناس، فربط الإنسان بمكارم الأخلاق والتي يتمحور أساسها حول معرفة الله الواحد والإيمان بوجوده وخلقه للكون وما فيه من مخلوقات.

أسباب البقاء للإنسان في الحياة

وكل ذلك بعد أن وفر الله سبحانه وتعالى للإنسان، كل أسباب البقاء المادي للحفاظ على حياته في الحياة في الهواء والماء والغذاء، والمدد المعنوي المنبثق من رسالات السماء في الإيمان بالله، فكان من المفترض أن يكون هناك توافق واتفاق وانسجام بين كل من المدد المادي اللازم لبقاء حياة الإنسان المادية في الحياة، والمدد المعنوي اللازم لبقاء حياة الإنسان المعنوية المتعلقة بالروح، ولكن طمع الإنسان وأنانيته أوقعه في شر أعماله فأصبح في خبر كان.

وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فحفظ حياة الإنسان الحقيقة بوجود الهواء والماء والغذاء، يستدعي حفظ حياته الروحية، حتى يكون إنسان، هدفه معرفة الله والإيمان بوجوده.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »