مقالات

(12) الإنسان… بين الدنيا والآخرة

كانت إرادة الله أن تدار الدنيا بواسطة البشر في إطار اختيار البشر، باعتبار أن آدم عليه السلام خلق مخيرًا، بالرغم من أن كل شيء في الكون من مخلوقات يدار مسيرًا في إطار التسيير، فكان الإنسان مخير والكون وما فيه مسيرًا.

قال تعالى: “إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا” (الأحزاب: 72).

وبين نطاق التخيير ومناط التسيير، كان الاختبار لآدم وأبناءه، وكان الهدف أن يكون هناك منطلق يتم من خلاله، إيجاد صلة واتصال بين التخيير والتسيير، فطاعة آدم وأبناءه وأحفاده لله سبحانه وتعالى، تنقله من نطاق التخيير إلى مناط التسيير في إطار من التخيير، فيصبح آدم وأبناءه وأحفاده مخيرين في نطاق التسيير بعد أن قبلوا عن رضا وطيب خاطر أن يطيعوا ربهم، وينفذوا تعاليمه في الأمر والنهي، من خلال دعوة الأنبياء والمرسلين، في افعل ولا تفعل، والمفروض أن هذه الطاعة المقننة نقلتهم من إطارالتخيير إلى إطار التسيير في نطاق التخيير.

فكان من المفترض أن يدور الإنسان،  في نطاق التسيير بالرغم من خلقه  مخيرًا، في إطار من التخيير مثل الكون وما فيه من مخلوقات، وهذا ضروري وحتمي من أجل أن ينسجم الإنسان مع الكون في إطار التسيير مع أنه مخيرًا، وهذا هو الهدف الأصيل من خلق آدم ومسيرته في الحياة.

وكان من الواجب على الانسان، أن يجعل من الحياة الدنيا المؤقتة ومشواره في الحياة،  حياة حقيقية منسجمة مع خلق الكون وما فيه من مخلوقات، مثل حقيقة خلق الكون، حتى تأخذ بيده فتوصله إلى الحياة الحقيقية الخالدة والدائمة والأبدية في الآخرة.

قال تعالى: “وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ” (العنكبوت: 64).

وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالحقيقة هي مفتاح وجود الإنسان في الحياة الدنيا المؤقتة، مثل حقيقة خلق الكون وما فيه من مخلوقات، والتي يجب أن تأخذ بيده إلى الحياة الحقيقية الدائمة في الآخرة.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »