(32) مصر… في الحج
لم يكن الاستطراد في الحديث عن مصر وبني إسرائيل، بعيدًا عن فريضة الحج وأركانه، فلولا وجود مصر في الحج ما وجد إسماعيل ولا عرب ولا إسحاق ولا يهود، إنما من ضمن الآثار الإيجابية المترتبة على مصر في الحج، وجود العرب واليهود.
فمن ناحية كانت النتيجة المترتبة على تدشين إبراهيم عليه السلام قواعد الحج وأركانه، من أكثر من ثلاثة آلاف سنة، سببًا في وجود إسماعيل أبو العرب والقبائل العربية الاثني عشر، وكانت سببًا في وجود إسحاق وابنه يعقوب وأسباط اليهود الاثني عشر.
فتبلور وجود ونشأة القبائل العربية بوجود إسماعيل ووجود ونشأة أسباط بني إسرائيل بالبشرى بإسحاق ويعقوب في مكة المكرمة على يد إسماعيل وهاجر عليهما السلام، وفي معية إبراهيم عليه السلام، فكانت مكة المكان الذي بشر به إبراهيم بإسحاق ويعقوب والذي تأكد بعد عودة إبراهيم عليه السلام إلى الشام.
إسماعيل عليه السلام سببًا في وجود بني إسرائيل
ومن ناحية أخرى تؤكد أن وجود إسماعيل عليه السلام، كان سببًا في وجود بني إسرائيل، فلولا إسماعيل عليه السلام ما كان العرب ولولا إسحاق عليه السلام، ما كان بني إسرائيل ولولا هاجر ما كان إسماعيل ولا إسحاق عليهم السلام.
العجيب من أمر العرب وأمر اليهود، أنهم ينتسبون إلى إبراهيم أبو الأنبياء، الذي أنجب إسماعيل أبو العرب وإسحاق أبو اليهود، فكانت العلاقة الوطيدة بين إسماعيل وأخيه إسحاق، كفيلة بتوطيد العلاقة بين العرب واليهود والتي تمسكها وتقويها علاقة صلة الرحم، وكان يجب على العرب واليهود أن يعيشا معًا وجنبًا إلى جنب دون معارك جانبية أو حقد وكراهية.
ولكنها الدنيا بالرغم من متاعها المؤقت، وبالرغم من نموذج طغيان فرعون وفساده، إلَّا أن هذا النموذج الفرعوني لم يتكرر في اليهود وحسب بل ويتكرر مع العرب، الذين يجرون وراء السلطة ويكنزون الأموال بالمليارات، مع أن هذا ضد طبيعة الأشياء وضد الإنسان المكرم الذي يعي حقيقة الدنيا ومسار الأحداث ولكنها في الأول والآخر وضد الإيمان بالله.
وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فأخوة إسماعيل بإسحاق عليهما السلام، لم تمنع العرب من البحث عن السلطة وجمع المال وكنزه كما يصنع اليهود، في الوقت الذي لا يقر فيه الإسلام لأتباعه كنز الأموال.
الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر
تعليق واحد