مقالات

(31) قيم… رمضانية

بالرغم من هذا العمل المضني والشاق الذي تقدمه هذه الخلية كضريبة عن هذا الجسم حتى تشع منه الحياة إلا أنها وفي ذات الوقت شاهدة على عمل الإنسان المطيع أو العاصي على حد سواء فهي مسئولة عن ملفات الإنسان في الطاعة والمعصية.

ليست في الحرف ولا في الكلمة ولا في الكلمات أو الجملة والجمل ولا في عبارات ولكن هيهات هيهات فكل شيء مسجل بالصوت والصورة والفيديو كليبات في وجود وسائل الإدراك كافة في البصر والسمع والتذوق والشم واللمس والإحساس والعقل والقلب بالألوان.

فالكل معه كل وسائل التسجيل الإلهية والقدرية التي منحها لها الله رب البرية ولا عجب في ذلك فخلايا الكمبيوتر والموبايل وغيرها من وسائل التجسس قد أكدت بما لا يدع مجالًا للشك تجسس خلاياك عليك وحفظها في ملفات فكم من الخلايا تسجل لك وكم منها يسجل عليك، خاصة إذا علمت أن جسمك يحتوي على سبعين تريليون خلية لشخص وزنه سبعين كيلو جرام أو مائة تريليون خلية لشخص وزنه مائة كيلو جرام وكل خلية عليها وسائل إدراك مثل العين تراقبك، فما بالك بروحك التي ستكون أكثر حرصًا على تسجيل كل هفواتك وكل أحوالك.

ضرورة الابتعاد عن المعصية

وإذا كان ذلك كذلك فما موقف خلاياك عندما تعصي الله طاعة لك، هل هي راضية عنك أم تسبك وتلعنك وتنتظر يوم الخلاص منك، فلسانك طوع ما يجول في ذهنك وخاطرك يعبر به عن نفسه فيتكلم بما يرضيك أنت وهو مقهورًا لطاعتك وقد لا يرضيه ما تقول وفي نفس الوقت فهو يسبح ربه ويذكره بشكل ذاتي وتلقائي حمدًا له على خلقه له وإعطاءه حق تمثيل الإنسان في كل لقاء.

هذا في الدنيا المحدودة بعمر صاحبها أمَّا بمجرد خروج الروح من الجسد تتنصل الخلايا من صاحبها وتتنكر له وتسلم ملفاتها لربها فتنطق على صاحبها لسانًا وجلدًا ويدين ورجلين وغيرها بعد أن فقد الإنسان سيطرته عليها في الآخرة فيندم ندمًا شديدًا على خيانته لربه ويحزن حزن شديدًا على شهادة خلاياه وأنسجته وأعضائه وأجهزته على كل هفوة في حياته أو لحظة قبل مماته يوم لا ينفع الندم.

ضرورة الاستفادة من منهج القرآن والسنة مع العمل المضني

وهذه القيمة الرمضانية العظيمة الحادية والثلاثون والتي يجب علينا أن نتعلمها من منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة وأفصح لنا فيها رمضان في الدائرة الثانية في الدنيا مع قهر أعضاء الإنسان له في الدنيا وتخليها عنه في الآخرة وشهادتها عليه من خلال التسجيل الفوري وعلى الهواء مباشرة من خلاياه وأنسجته وأعضائه وأجهزته على ما قدم من خير أو شر.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »