مقالات

(3) قيم… رمضانية

الحديث عن كل هذه المخلوقات التي خلقها الله يستدعي الحديث عن الدوائر الثلاثة التي تتحكَّم في مصير الكون وكل شأن من شئون حياتنا في الدنيا والآخرة، فالدائرة الأولى قبل الخلق وفيها كان الله ولا أحد معه والدائرة الثانية في الحياة الدنيا بكل مخلوقاتها المرئية، كالإنسان والحيوان والنبات والجماد وغير المرئية مثل الجن والملائكة والدائرة الثالثة  الحياة الآخرة بكل ما فيها من خفايا وأسرار وهذه الدوائر الثلاثة متصلة ببعضها البعض الآخر برباط وثيق لا يمكن أن تفصل دائرة عن الأخرى وإلا سقطت الدوائر الثلاثة.

الدوائر الثلاثة التي تتحكم في مصير المخلوقات

وإذا كنت قد استنبطت من منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة المنبثق منه الدوائر الثلاثة التي تتحكم في مصير المخلوقات الظاهرة والخفية عن قبل الخلق والخلق وبعد الخلق، نجد أن معلومات الإنسان بالرغم من كل ما توصل إليه من علوم ومعارف في القرن الحادي والعشرين معدومة في الدائرتين الأولى والثالثة وكل المعارف عنهما منبثقة فقط من منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة.

أما الحديث عن الدائرة الثانية والتي تشمل حياتنا الدنيا فمعرفتنا العلمية عنها ضئيلة للغاية، فلا نعرف عن الحامض النووي في الخلية الحية إلا أقل من 0.01% من مكوناته و99.99% مجهولة وعلى مستوى جميع الكائنات الحية، بالرغم من الشوط الكبير الذي قطعه البحث العلمي في مجال علوم الإنسان والكائنات الأخرى.

وإذا انتقلنا إلى الكون الواسع الرحب بنجومه وكواكبه ومجراته وسدومه، نجد أيضًا أن معرفتنا العلمية عنه أقل من 0.01% و99.99% مجهولة مع عدم معرفتنا بوجود أكوان أخرى.

ومن هنا نجد أن علمنا محدود، ومعرفتنا بالكون والحياة قليلة، فإذا أضفنا عليها الروح والتي تمثل 99.99% من النفس البشرية والتي لا نعرف عنها شيء يبقي علمنا عن الدوائر الثلاثة محدود إلى درجة العدم مصداقا لقوله تعالى: “وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا” (الإسراء: 85).

وهذه القيمة الرمضانية العظيمة الثالثة والتي  يجب علينا أن نتعلمها من منهج القرآن الكريم ومنهج النبوة وأفصح لنا فيها رمضان عن الدوائر الثلاثة التي تتحكم في مصير الكون ومصير الإنسان.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »