مقالات

(4) التعليم كنز.. التعليم= فكرة= منتج

التعليم المنتِج والجيد هو درة الإنتاج وذروة سنامه ويمثل جوهر العملية التعليمية في كل فصولها المختلفة وأطرها المتعددة، فجودة التعليم تؤهله في أن يصبح منتج فيمثل ركيزة من ركائز الاقتصاد، ودليل على صحة التعليم وخلوه من كل العيوب وكل الأمراض التي تُحوِّل العملية التعليمية إلى عنوان ولافتة توضع على المؤسسات التعليمية خالية من كل معنى وجوهر.

ولذلك من الأهمية بمكان أنْ يتحوَّل التعليم إلى تعليم مُنتِج حتى يُمكِّن الدولة من تعويض ما تنفقه من أموال على التعليم بمختلف الدرجات من المدرسة إلى الجامعة وفي كل المؤسسات وغير ذلك يصبح التعليم عديم القيمة ولو كان في أرقى الجامعات.

ولذلك فالتعليم الجيد والمُنتِج يلعب دورًا محوريًّا وجوهريًّا في تقدم الأمم والشعوب من خلال الإنتاج والتنمية، ما ينعكس أثره بشكلٍ إيجابي على الاقتصاد كما أنَّه يُمثل حجر الزاويا في إحداث الثورة الثقافية والنهضة التنموية والتي تُساهم بدورها الفعال في توفير الحد الأدنى من الحاجات الإنسانية، بل وتؤدي إلى تحقيق الكفاية الإنتاجية والرفاهية الاجتماعية وتساهم بشكل فعال وحقيقي في إحداث تقدم وتقنية وتنمية حضارية شاملة في جميع مجالات التنمية البشرية، ما ينعكس بشكل إيجابي على كل أفراد المجتمع، ويساهم في حل كل مشاكل الناس اليومية.

التعليم يحتاج نظام إداري محكم

ولن يحدث هذا كله إلَّا من خلال نظام إداري محكم وقوي ومترابط ومتين، يتميَّز بالعلم والمعرفة ويتسم بصفة العمل الجماعي في كل مراحله المختلفة، ما يُمكّنَه من إيجاد آلية تُمكِّن أفراد مؤهلين ومنظمين ومدربين بمهنية عالية من إدارة وتدوير عجلة الإنتاج والتنمية بضمير ويقظة وهمَّة عالية من خلال إدراك واعٍ وعميق وحصيف ومقدِّر لأهمية المرحلة الحالية التي تمر بها الأمة وتعيشها واقع على الأرض ومدى خطورتها على حاضر ومستقبل أبنائها.

لأنَّ جوهر العملية التعليمية وأهميتها في إحداث فصول التنمية، تنبع من قدرتها على إيجاد آلية تمكن هؤلاء الأفراد الذين درسوا التعليم واستوعبوه في فصولهم الدراسية من الإبداع والابتكار وإضافة كل ما هو جديد من أفكار متجددة في وجود الرؤى والأحلام التي تتحول إلى واقع حقيقي على أرض الواقع من خلال منظومة العمل الجماعي، التي تبحث عن هؤلاء الأفراد المميزين والمتميزين والموهوبين والأذكياء بواسطة عملية فرز ممنهجة لكل هذه الكوادر المبدعة في كل فروع العلم المختلفة والإدارات والهيئات والمؤسسات.

بحيث نتمكن من إعطائهم الفرصة الذهبية التي تُمكنهم من إيجاد هذا الجديد والاستحواذ عليه من خلال الفهم الواعي والعميق والمدرك لأهمية تطويره والبناء عليه، بواسطة منظومة شاملة تكاملية غير تنافسية وأنشطة واعية متأصلة في نفوس الناس ومتواصلة يعول عليها في إحداث كل صنوف التقدم والتقنية.

التّعليم المُنتِج جيد وممنهج

فالتعليم المُنتِج هو ذلك التعليم الجيد والممنهج، هو الذي ينتج هؤلاء المبدعين وأولئك المخترعين الذين يمدون الأمة بكل ما هو جديد وحديث ومتطور وهو الذي يفرز هذه الصفوة المميزة من العمال والعلماء المهرة الذين لهم باع طويل في حل مشاكل المجتمعات المتحضرة.

ليس من خلال كثرة الكلام والدجل والخداع في بعض الأحيان والكذب والتمثيل والاحتيال في كل الأحيان ولكن من خلال العمل المنظم والجاد والمثمر في وجود الصمت الذي لا يتحدث كثيرًا عن الأعمال والإنجازات إلَّا بعد أن تتحول إلى واقع على أرض الواقع، فهو لا يعرف الكلل ولا الملل فلا يسمح للكسل أن يتسرب إلى عقله ولا يسمح للاتكالية أن تتسربل إلى قلبه.

وتلعب هذه القيادات الدور البارز في مجال الابتكار والاختراع والدور المحوري في إيجاد أرضية مشتركة ومترابطة تتمكن من هيكلة شاملة وكاملة لكل مؤسسات الدولة وإعداد وتجهيز وتنمية الكوادر العلمية المؤهلة، التي تحوِّل الرؤى والتطلعات والأحلام إلى واقع عملي يُمارس على أرض الواقع من خلال خطط مدروسة تُساهم بشكل جوهري وفعال في تربية الأفكار وتنمية العقول وتقوية الذاكرة وفتح باب الاجتهادات على مصراعيه لصقل الخبرات بكل فنون العلم والمعرفة التي سيكون لها باع طويل في إحداث كل فصول التنمية.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »