مقالات

(7) أبجديات التعليم في الإسلام.. العلق- القراءة- القلم

القراءة هي بنت اللغة وهي عملية معرفية تعتمد في جوهرها على تفكيك الحروف الهجائية، لتكوين كلمات وجمل وعبارات لها معنى مفهوم، يمكن وضعه في سطور وفي صفحة، ومع مجموع الصفحات يتكون الفصل ومع مجموع الفصول يتكون الباب ومع مجموع من الأبواب يتكون الكتاب، الذي له عنوان وله بداية وله نهاية.

القراءة إذًا تنتهي بالكتابة والكتابة تنبع من القراءة، فلا يمكن فصل القراءة عن الكتابة ولا يمكن فصل الكتابة عن القراءة، لأنهما يُشكلان محور الكتاب بوجهيه القراءة والكتاب وهما مُتعلقان ببعضهما البعض الآخر كالروح والجسد ولذلك سمي القرآن الكريم قرآن وكتاب.

وكل هذا يؤدي في نهاية المطاف إلى الوصول لمرحلة من الفكر والوعي والفهم والإدراك المنطلق من العقل والمخ والقلب، فتتشابك مع بعضها البعض الآخر في سلسلة متصلة الحلقات، وتمتزج مع بعضها البعض الآخر في بؤرة العقل لتصنع في نهاية المطاف منظومة علمية قوامها القراءة والكتابة، ونتيجتها الفكر والفهم والإدراك.

القراءة جزء أصيل من لغة التواصل

إذا كانت القراءة تُعتبر جزء أصيل من لغة التواصل والحوار ووسيلة التفاهم والاتصال بين الأفراد والجماعات في داخل المجتمع الواحد، فإنها كذلك على مستوى الشعوب والدول والقارات في كلمات تبعث فيها الحياة في كل هذه العلاقات بمختلف أنواعها أو تفنيها في لحظات إذا غابت هذه الكلمات من على الألسنة.

وهذا معناه أن الكلمة هي صلب هذه اللغة وعمودها الفقري وبها تستقيم العلاقات بين الناس ومن غيرها تختفي العلاقات في لحظات، لأنها وسيلة التخاطب بين الناس، وسببًا للتعلم والتواصل بين مختلف الثقافات ومختلف الحضارات.

وفي بؤرة كل الذي فات العقل الذي يتلقف الكلمة فيجمعها بأحرفها ويضعها في جمل وعبارات ثم يُرسل إشارات عصبية مجمعة ومبرمجة لا عدَّ لها ولا حصر بعشرات الآلالف من الترليونات على مستوى الخلية الواحدة إلى المخ والقلب وكل التخصصات التي لها علاقة بضبط الكلام واستخراجه بالطريقة التي يريدها الإنسان في ماديته عوضًا عن ذاته في روحه التي تتكيف مع تكوين هذه الكلمات وتلك العبارات.

وتختلف لغة القراءَة حسب طبيعة القارئ فالمبصرين يقرأون القراءة العادية والتي تتم بواسطة استرجاع الأحرف والكلمات والأرقام والرموز، المأخوذة من بؤرة الشعور والمسجلة في حاشية الشعور في المخ.

وتوجد أنواع أخرى من القراءة مثل قراءة برايل للمكفوفين وقراءة النوتة الموسيقية  والصور التوضيحية وفي قراءة مصطلحات علم الحاسوب من خلال استرجاع المعلومات المخزنة على الأقراص الصلبة والمرنة.

وتُمثل القراءَة البناء الهندسي الذي تُبنى عليه حياة الإنسان وشخصيته وبها يتمكن من الارتقاء بحياته الاجتماعية والمهنية، فيتمكن من القراءة الجهرية أو الصامتة أو الابتكارية في مجال تخصصه وطبيعة عمله والقراءة العامة والاطلاع من أجل تعزيز معارفه وصقل شخصيته إلى غيرها من الأهداف الواقعة في حياة الإنسان.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »