مقالات

(58) إن الدين عند الله… الإسلام

ثم بعد الموت وفراق الروح للجسد، يسحب الله من الإنسان اسمه ورسمه، الذي تسمى به في الدنيا، فيصبح الميت دون اسم، فينسي الله اسمه لأقرب الناس إليه، زوجته وأولاده وأسرته وأهله والمقربين إليه، بعد أن أنفق عليهم باسمه كل حياته.

فيقول الجميع عند موت الميت، هاتوا الجثة أو الأمانة أو الميث أو الخشبة، بالرغم من أن الاسم، هو الذي رفع من شأنه وكان السبب في وجوده وشهرته وباسمه عرف بين الناس، وباسمه ذاع صيته الذي أضاع به عمره على أهله، ينساه اهله عند موته بأمر من الله.

ثم بعد الموت، وبعد أن سحب الله اسمه منه، يسحب الله منه خلاياه وأنسجته وأعضاءه وأجهزته التي كانت طيعة أمره في حياته، فتعود إلى مالكها الحقيقي الله فلا يستطيع أن يحرك لسانه بالكلام كما كان يفعل من قبل ولا يستطيع أن يفتح فمه ولا يستطيع أن يحرك شفتيه ولا يستطيع أن يفتح عينيه، ولا يستطيع أن يحرك يديه للقراءة والكتابة، ولا يستطيع أن يمشي على قدميه، إنما تحول إلى جثة هامدة لا حركة فيها ولا حياة، وتحول إلى جسد ميت، دون روح تبعث فيه الحياة.

ثم الأخطر من كل ذلك بعد الموت، أن يشهد عليه جلده ويديه ورجليه وسائر خلاياه وأنسجته وأعضاءه وأجهزته التي عاش بها طول حياته، بعد أن تخلت عنه كما تخلت عنه أسرته وأهله، والتي سخرها الله لطاعة صاحبها والقيام على خدمته ولكن بعد الموت تتركه وحيدًا، وتشهد عليه امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.

وهذا فيه إعجاز هائل وعظيم، فالله أعطى الإنسان بعض من أملاكه في الكون بشكل مؤقت ومحدود إلى نهاية حياته في الدنيا، ثم تعود هذه الأملاك إلى الله فيستردها من الإنسان، بما فيها أعضاءه، والتي سوف تشهد عليه في الآخرة، امتثالًا لأمر الله واستسلامًا لإرادته في إطار الإسلام.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »