مقالات

(15) الإسلام… والقبلتين

كان المقصود بتولية الوجه شطر المسجد الحرام هي الجهة الواقعة في دائرة الشخص ناحية البيت الحرام حسب المكان الموجود فيه، فكل إنسان له دائرة يقف في مركزها فيقسمها نصفين أو شطرين، نصف خلفه ونصف أمامه، فيكون الشطر أو الناحية إلى المسجد الحرام من أمامه وليس من خلفه باعتبار أن كل شخص له دائرة في الأفق تحيط به من كل مكان في دائرته.

فالبيت الحرام في الكعبة يُمثل مركز الدائرة في ثلاث دوائر متصلة ماديًّا ومعنويًّا، فالذي يصلي في الكعبة قبلته الكعبة في الدائرة الأولى ثم تتسع الدائرة لمن يصلى في المسجد الحرام قبلته المسجد الحرام في الدائرة الثانية ويمكن أن تتواصل الصفوف حول المسجد الحرام وخارجه وخارج حدود مكة المكرمة ثم الدائرة الثالثة، والتي تصل الكعبة المشرفة والمسجد الحرام بأركان الكرة الأرضية الأربعة وفيها القبلة جهة وشطر المسجد الحرام.

وإذا كان المسجد يُمثل منتهى الخضوع لله سبحانه وتعالى، فكان مخصوصًا للأنبياء  والمرسلين ثم عمم لتصبح الأرض كلها مسجد للإسلام، لقوله صلى الله عليه وسلم: “وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل” متفق عليه.

دائرة الشخص والمسجد الحرام

 فكانت الكعبة بيت الله المسجد الأول باختيار الله سبحانه وتعالى في الدائرة الأولى والمساجد في الأرض جميعًا، بيت الله باختيار خلق الله في الدائرة الثانية والأرض جميعها مسجدًا للصلاة، باختيار رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمساحتها البالغة نصف مليار كم2 في الدائرة الثالثة لذلك كان بيت الله في مكة المكرمة باختيار الله قبلة لبيوت الله في الأرض باختيار خلق الله وقبلة للأرض كلها باختيار رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وبالرغم من هذه الوحدة الواحدة المترابطة في الدوائر الثلاثة للقبلة الواحدة والدوائر الثلاثة للمسجد الواحد والتي تؤكد وحدانية الله سبحانه وتعالى وفي وحدة الرسالة على يد الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي الكتاب الواحد في القرآن الكريم وفي القبلة الواحدة إلَّا أن أهل القبلة منقسمون على أنفسهم فتفرَّقت الأمة إلى طوائف وشيع وجماعات وكل فريق يعتقد أنه على الحق  ويستقطب الآخرين ليعزِّز من موقفه ومكانته وموقعه، بالرغم من أهمية الوحدة والترابط التي تمكن الإسلام من العودة إلى صدارة العالم بالحق والعدل والمساواة بين البشر جميعًا.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب جامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »