مقالات

(48) إشراقات… رمضانية

قال تعالى: “وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ علىنَا  قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإليه تُرْجَعُونَ” (فصلت: 21).. لم يكن غريبًا أو عجيبًا أن تتطرق هذه الآية الكريمة في الحديث عن هذه الحواس الثلاثة تحديدًا مرة أخرى، السمع والبصر واللمس فتربط بين شهادة السمع والبصر والجلد في وجود خلية الجلد الملونة والتي تعتبر الرابط الذي يربط بين هذه الحواس الثلاثة.

لأن وجودها في الأذن التي يسمع بها ووجودها في العين التي يبصر بها، ووجودها في الجلد الذي يحس به في وحدات منتظمة، تعطي الجلد لونه بشكل منضبط، مما يعني أنها كاشفة للأسرار وفاضحة للأشرار وهاتكة للأستار.

قال تعالى: “وَمَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عليكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَٰكِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ” (فصلت: 22).

كنَّا قد تحدثنا عن الضرورات الخمسة المادية اللازمة لغذاء الجسد الترابي في الهواء والماء والغذاء والعلم والعمل، كما تحدَّثنا عن الضرورات الخمسة للغذاء النوراني في الدين والنفس والنسل والمال والعقل وعن مدى تداخل هذه الضرورات مع بعضها البعض الآخر، كتداخل  الترابي مع النوراني في النفس الإنسانية.

فغذاء الروح من جنس تكوينها النوراني بالمنهج الرباني، الذي أرسل الله أنبياءه ورسوله هداية للبشرية، فأمدهم بغذاء المنهج لأرواحهم كما أمدهم بغذاء المادة لأجسادهم في توافق معجز لغذاء الروح والجسد، كي تستمر حياتهم على هدى من الله سبحانه وتعالى.

السمع والبصر واللمس

وهذا فيه إعجاز هائل، لأن حدوث توافق وتلاقٍ وتجانس وتمازج وتكامل بين الغذائيْن المادي والروحي، هو الذي يخلق إنسان بشرًا سويًّا، تتكامل فيه روحه مع جسده، فيصبح إنسان مثالي قادر على مواجهة أعباء الحياة وقيادة دفة حياته من منظور الإيمان بوحدة الترابي والنوراني، بل وتجعله يتبوَّأ مكانة أعلى من الملائكة المقربين فمصدرهما واحد وخالقهم واحد ورازقهم واحد ونهايتهما واحدة.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »