مقالات

(96) نهر النيل في… الإسلام 

كانت عروس نهر النيل أسطورة من الأساطير الفرعونية، تناقلها الأدباء عن مصر الفرعونية، وجاء على أثرها المصريين،  إلى عمرو بن العاص، وإلى مصر في عهد الخليفة عمر ابن الخطاب، فطلبوا منه السماح بإلقاء فتاة بِكر في مياه نهر النيل كعادتهم، كل عام وتقديمها قربانا للنهر ليفيض بالخير، وإن لم يفعلوا سيحل الجفاف، فرفض عمرو بن العاص، وقال لهم “هذا لا يكون في الإسلام، وإن الإسلام يهدم ما قبله”.

وأرسل عمرو ابن العاص، رسالة ، إلى الخليفة عمر بن الخطاب، يستشيره في الأمر،  فأرسل عمر رسالة إلى نهر النيل، جاء فيها : ” من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى نيل أهل مصر، أما بعد، فإن كنت تجري من قبلك فلا تجر، وإن كان الله الواحد القهار هو الذي يجريك فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك”، فألقى عمرو بن العاص الرسالة في النيل وكان أهل مصر قد تهيأوا إلى “الجلاء والخروج منها، لأنه لا يقوم بمصلحتهم فيها إلا النيل، وأصبحوا وقد أجراه الله تعالى 16 ذراعا في ليلة واحدة، وقُطع تلك السنة السوء عن أهل مصر”.

لكن الحقيقة والواقع يؤكدان، أنه لم يرد في أدبيات الفراعنة، ولا على جدران معابدهم، أن قدموا قربان من البشر إلى نهر النيل،  فيما يدعي بعروس النيل، ولكن كل ما عُثر عليه من لوحات تصف جميعها المراسم، الدينية والشعبية، التي تحتفل بفيضان النيل، وتعود إلى عصر الملك رعمسيس الثاني ومرنبتاح ورعمسيس الثالث، وكلها تشير إلى أن الملك كان يحضر الاحتفال بفيضان النيل، والذي يبدأ بذبح عجل أبيض وأوز وبط ودجاج كقربان، ثم تُلقى في نهر النيل، رسالة،  مكتوبة على ورق بردي، تتضمن أناشيد تمدح النيل اعترافا بفضله.

وتحتفظ بردية هاريس، التي تعود إلى عصر رعمسيس الثالث، بقائمة تذكر القرابين، واسماء الحيوانات، وأنواع الفواكه والنباتات،  التي خصصت للمعابد، وتماثيل لمعبود نهر النيل “حعبي”، وكانت تُلقى كل القرابين مع التماثيل في النيل، بحسب البردية.

ظهر النيل بقوة في  الأدب المصري في عهد الفراعنة، لاسيما أشعار الغزل  من 150 ق م، في عصر الرعامسة، و الذي انطلق فيه الشعر الشخصي متحررا، من كل قيد، فساعد نهر النيل خيال المصري القديم  على  إيجاد مؤامة تجمع، بين المرأة والطبيعة، فالمرأة والنباتات في الزهور والثمار، لا تختلف من حيث الجوهر، ففيها معني الحياة المتجددة، بين الإنسان والطبيعة، فآمن المصريون القدماء بنهر النيل، الضامن لحياتهم، والحافظ لها والمزكيها، من القحط والضيق، فهو ماء من  السماء  يفيض على أرض مصر بالخير الوفير.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »