مقالات

(81) نهر النيل في… الإسلام

بعث نهر النيل بمائه العذب ومواقفه الواضحة والصريحة والمعلنة بين الحق والباطل، رسائل مختصرة لكل من يهمه الأمر من شعوب الأرض وحكام العالم على مدار الزمن، فيها معنى الحب والسلام والأمن والأمان والطمأنينة والتسامح، لكل البشر على امتداد الكرة الأرضية.

فكان نهر النيل سببًا في حماية ونجاة موسى عليه السلام، الحفيد الخامس ليعقوب عليه السلام من بطش الفرعون وتأمين حياته، حتى يتمكن من إنقاذ بني إسرائيل من ظلم الفرعون، وكان سببًا في اختياره نبيًّا ورسولًا إلى بني إسرائيل، فأرسله الله نبيًّا ورسولًا وأنزل عليه التوراة.

وكل الأحداث التي حدثت مع موسى عليه السلام والفرعون، منذ أن كان طفلًا رضيعًا ونجاته من الذبح، ثم هربوه من مصر إلى فلسطين ولقاءه شعيب عليه السلام وزواجه من ابنته، ثم عودته إلى مصر مرة أخرى، وفي جبل الطور كان التجلي في سيناء وكان اللقاء والكلام مع الله سبحانه وتعالى، ثم جاء الأمر من الله إلى موسى وهارون عليهما السلام، من أجل لقاء الفرعون وملأه بعد طغيانه وفساده.

قال تعالى: (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولا لَهُ قَوْلا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ علينَا أَوْ أَن يَطْغَى (45) قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى) طه: 43- 46.

المواقف الواضحة والصريحة لنهر النيل

فأحيا ماء النيل بمائه العذب، الأمل في نفوس الضعفاء والمطاردين على امتداد الكرة الأرضية من قبل العصاة والطغاة والظالمين من الجبابرة، بانتصار إرادة الحق على الباطل مهما طال الزمان، ومهما طغى الباطل واستطال ومهما كانت سطوته وسيطرته على الأرض، والدليل على ذلك ما حدث مع نهر النيل في حفظ وصون موسى الطفل الرضيع.

وفي نفس الوقت، كانت رسائل نهر النيل، تحمل في طياتها تحذير شديد اللهجة بأن الدائرة سوف تدور دائمًا وأبدًا على الطغاة والظالمين، وها هو نهر النيل يرسل رسالة نصية ومقتضبة، فيها زجر وفيها تهديد ووعيد للطاغية الفرعون وجيشه، ويؤكد أنه مهما أوتي المخلوق من قوة، فستردعه قوة الخالق في نهاية المطاف، وتقضي عليه آجلًا أو عاجلًا.

لا مقارنة بين قوة الخالق وقوة المخلوق

فلا مقارنة إذًا بين قوة الخالق الله سبحانه وتعالى وقوة المخلوق الضعيف والفقير إلى الله، فقوة الله الخالق وأمره نافذ، فكان التابوت الذي حمل موسى وهو طفل رضيع، جماد من الخشب، وكان نهر النيل الذي حمل التابوت وفيه موسى جماد من الماء، وكانت عصى موسى جماد من نبات في فرع شجرة جافة، فكان الجماد وليس الإنسان سببًا مباشرًا في هدم حضارة الفراعنة، وكان الجماد لعنة من الله على الفراعنة، والطغاة في كل زمان ومكان، في الدنيا وفي الآخرة.

وإذا كان نهر النيل، نهر في بحر وبحر في نهر، فإن ماءه العذب من مائه المالح، وهذا الوصل والوصال بين البحرين، في نهر النيل في مائه العذب، وماء البحر الأحمر في مائه المالح، سببًا في نجاة موسى وبني إسرائيل من جهة، ومن جهة أخرى سببًا في غرق فرعون وجنوده.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »