مقالات

(71) نهر النيل في… الإسلام

كان الرجل المؤمن من آل فرعون، يُدرك حقيقة الحياة والموت وأهمية وجود الإنسان في الدنيا، وأنه سوف يعيش فيها فترة مؤقتة، بعدها سوف يرحل ويتركها على عجل إلى الآخرة، فكان يدعو الإنسان إلى ضرورة توظيف كل إمكاناته وجهوده المادية الذاتية، وتكريس كل طاقاته المعنوية من أجل الإيمان بوحدانية الله سبحانه وتعالى.

وضرب لهم المثل بيوسف عليه السلام الذي عاش بينهم قرن من الزمان، وكان عزيزًا لمصر وحاكم لها ثم رحل وهلك، بعدما حمى مصر من المجاعة بقدراته الفذة على توظيف نهر النيل وقت الفيضان ووقت المجاعة.

قال تعالى: (وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَاءَكُم بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ اللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ) يوسف: 34.

وجود الإنسان والأنبياء في مصر

لعب نهر النيل الدور المحوري في حياة الأنبياء والمرسلين في مصر، وكان له الدور البارز في نقل وحماية الكثير من البشر على مائه بشكل عام والكثير من الأنبياء والمرسلين بشكل خاص، خاصة إبراهيم ولوط ويعقوب ويوسف وموسى وهارون وسليمان وعيسى عليهم السلام في زيارتهم إلى أرض مصر، فكان وسيلة الانتقال السهلة والبسيطة بين قرى ومدن ومراكز ومحافظات مصر المختلفة على امتداد نهر النيل.

لكن العجيب في أمر موسى عليه السلام والفرعون، أن القرآن الكريم ربط بين نهر النيل وموسى عليه السلام والفرعون برباط وثيق، ووثق الأحداث عن قرب التي دارت رحاها فيه، ورتبها بينهما، فحولت نهر النيل من جماد يجري في حوضه الماء، إلى حارس أمين لموسى الطفل الرضيع، والذي قدم له الحماية والرعاية، فحمله من بيت أمه إلى بيت الفرعون، دون أن يشعر به أحد من جنود الفرعون، الذين كانوا يملأون الطرق المؤدية إلى النهر العظيم ويحرسون قناطره، حتى لا يهرب فيه موسى عليه السلام.

فلم يكن نهر النيل في تعاطيه مع موسى عليه السلام، والتابوت الذي وضع فيه مثل ساعي البريد، الذي ينقل مهماته في أمن وأمان حتى تصل إلى صاحبها، ولكن كانت مهمة نهر النيل أصعب من أي مهمة أخرى، حيث حافظ على حياة موسى عليه السلام في تابوته، وحمى تابوته من الغرق، وكان التابوت يعرف الطريق إلى بيت الفرعون.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »