مقالات

(64) نهر النيل في… الإسلام

في هذه الفترة الزمنية من حكم مصر، حلم ملك مصر بحلم غريب وعجيب وفريد، أثر على حياته وحولها إلى جحيم وشغل تفكيره، وتفكير كل من حوله، فرأى في منامه أنه واقف بجوار نهر النيل، فإذا بسبع بقرات سمان، تخرج مِن نهر النيل المليء بالماء وترعى في المرعى المليء بالعشب بجوار النهر.

ثم جفَّ النهر فجأة، فخرجت منه سبع بقرات هزيلات، فأكلت السبع بقرات السمان، ثم رأى في اليوم التالي، سبع سنبلات خضر مليئة بحبات القمح، تسقط وتحل محلهن سبع سنبلات يابسات خالية من القمح، وقد سجل القرآن الكريم هذه  القصة العجيبة والحادثة الخطيرة.

قال تعالى: (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ) يوسف: 43.

فتح تفسير يوسف عليه السلام الحلم لملك مصر، الباب على مصراعيه للوصول بيوسف عليه السلام إلى بلاط الملك ثم مهد الطريق أمامه، من أجل أن يصبح عزيز مصر أو رئيس وزرائها أو الوزير الأول للملك، وكان هذا الحلم الذي رآه الملك وفسره يوسف عليه السلام، بمثابة أول لقاء عملي بين يوسف عليه السلام، ورأس السلطة الحاكمة في مصر من ناحية، وبينه وبين نهر النيل من الناحية الأخرى، والذي دفعه إلى سلم المجد والسلطة والشهرة، فكان نهر النيل سبب في أن يكون يوسف عزيز مصر.

يوسف عليه السلام خلال الفترة الزمنية من حكم مصر

ففي يوم من الأيام، قدم ساقي الملك على عجل لمقابلة يوسف عليه السلام وهو في السجن العمومي بمصر كي يخبره بفحوى الرؤيا والحلم الذي حلم به الملك،  ولم يستطع أحد من كهنة المعبد الفرعوني آمون تفسيره، خاصة عندما تذكر ساقي الملك موقفه في السجن، مع يوسف عليه السلام، والذي فسر له حلمه في السجن، فاستدعى الملك على الفور يوسف عليه السلام من السجن إلى قصره، كي يفسر له حلمه ويعبر له عن تأويله.

ربط يوسف عليه السلام تفسيره لحلم الملك بنهر النيل برباط وثيق، فشخص المرض والداء وقدم روشتة للعلاج وكتب الدواء، مما أبهر الملك ومن حوله في هذا التفسير المنطقي للرؤيا، خاصة عندما أبلغ يوسف عليه السلام الملك، أن تفسيره لرؤيا الملك تنطلق من حقيقة علمية، علمه الله سبحانه وتعالى إياها.

سبع بقرات سمان

فالسبع بقرات السمان التي خرجت من نهر النيل، هي سبع أعوام رخاء قادمة على أرض مصر من فيضان النيل بخيره الوفير على مصر وشعبها، وأمَّا السبع بقرات الهزيلات، التي خرجت من نهر النيل بعد جفافه، كي تأكل وتلتهم السبع بقرات السمان التي تقف في المرعى  المليء بالعشب بجوار النهر، فهي سبع سنوات عجاف يجف فيها الماء في نهر النيل، وتجف معه الأرض فلا تنتج الزرع ويختفي الحصاد، وينتشر على إثره الجوع والعطش بين المصريين ويُصاب شعب مصر بالمجاعة.

وأمَّا السبع سنبلات خضر فهو دليل على زيادة المساحات الخضراء المزروعة بالقمح وسنابله المليئة بحباته دليل على وفرة الإنتاج الزائد عن حاجة الناس في وقت فيضان نهر النيل بالماء، وأمَّا السبع سنبلات يابسات دليل على القحط وجفاف نهر النيل واختفاء الماء منه وقلة إنتاج القمح وندرة الحصاد وجوع الناس.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »