مقالات

(57) نهر النيل في… الإسلام

مع هجرة الإنسان في الحياة تهاجر معه كلماته في مختلف حياته وعمره وعلى لسانه وفي تصرفاته وأفعاله وفي جوارحه وفي تعبيرات وجهه وذاته وجنانه وروحه في مساراتها المختلفة بعمر الإنسان من الولادة إلى الوفاة، وكأن الكلمة هي الحياة وفيها البقاء ومنها الفناء.

وهي تنتقل من عمر إلى آخر مع عمر الإنسان بمواصفات العمر وثقافة المعمر وتتمدد معه في الحياة بطولها وعرضها، وفي كل الأنحاء فتمتلئ بها الأرض وتملأ السماء.

مسارات الكلمة

والكلمة لها مسارات مختلفة، تتكون من حروف تحمل في كيانها طاقة المتكلم، وتبرز في طياتها طاقة المستمع وبينهما القارئ والمتلقي، ولولا وجود الطاقة الكامنة في الإنسان وتحررها مع الكلمات، ما خرجت الكلمة من على طرف اللسان، وما نطقت بها الأفواه، وما اندفعت مخترقة الأجواء في الأرض ولا في السماء.

ففي الأرض تهيج الذرع وتضبط الطقس وتنزل المطر وتنشئ كل شيء فيه حياه تجده في أثر الكلمة، ثم منطلقة إلى السماء فتمدها بالطاقة اللازمة لتمددها وبقائها قائمة على قيد الحياة، بالرغم من أنها حروف في كلمات.

وتمثل الكلمة في أجوائها طاقة الإنسان المخزونة في جسده والمحبوسة في أنفاسه والمتبدية في جسيماته الأولية وفي ذراته من البروتين والنشويات والدهون والأملاح المعدنية والفيامينات وغيرها من سائر المركبات مثل الهيدروجين والأكسجين والكربون والنيتروجين والتي تحمل بصماته، وغيرها من المواد المنتشرة في أرجاء الكون وطبقاته الغازية، التي تتصل ببعضها البعض الآخر، فتحمل طياتها شفراته الكيميائية والبيولوجية، حتى يفهم الإنسان ويعي، أن الكون والإنسان وحدة واحدة، ووجود واحد له بداية وله نهاية في علم خالق الأرض والسماوات وخالق الإنسان.

وفي مركز وجود الكلمة تقبع الروح التي تدير كل شيء من وراء ستار، وإذا كان هناك مخزون ضخم من الطاقة دخل الجسد المادي للإنسان، الذي يتحول إلى طاقة ثم تتحول الطاقة إلى جسد مادي بمعايير العلم ومقدراته وفيه تتحول الطاقة إلى مادة، والمادة إلى طاقة في سلسلة متصلة الحلقات، فما بالك بالطاقة المحبوسة في الروح ذلك الكيان النوراني الخفي الذي يحمل سر الله، والذي يدير الجسد من الألف إلى الياء.

الطاقة في الكون

ووجود الطاقة في الكون يحفظه ويمنعه من الانهيار، فالإنسان الذي يزن جسده مائة كيلو جرام به مائة تريليون خلية، متوسط حجم الخلية الواحدة 50 ميكروميتر، يعني واحد من مليون من الميتر، تنتج طاقة كل ثانية بمعدل مليار واط طاقة، تضيء مدينة مثل القاهرة، وتنتج كل 24 ساعة 86 تريليون وأربعمائة مليار وات طاقة، فكم ينتج الجسم؟، إذا كان ذلك إنتاج خليه مادية واحدة، وكم تنتج الروح؟

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »