مقالات

(55) نهر النيل في… الإسلام

تلك كانت منزلة ومكانة هاجر ومارية عليهما السلام إلى يوم القيامة، ولم يقل لنا أحد من ناقلي التاريخ المزور، الذي يكتب في أقبية المخابرات ودواوين الحكام والسلاطين والظالمين على مدار الزمان، أن فرعون مصر قد باع هاجر عليها السلام لإبراهيم عليه السلام، ولم يقل لنا أحد أن المقوقس عظيم القبط في مصر، قد باع مارية عليها السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم، إنما لفظ الجارية المتداول كما في قاموس المعاني العربي والقاموس المحيط معناه الفتاة.

ولكن الهدف من وراء كل هذه الشائعات الكاذبة والأقلام الخبيثة والأفكار اللئيمة وتلك الدعوات الماكرة المخادعة، التي تتناقلها الأيدي الملوثة بالكذب والمليئة بالخداع والإفك،  الحط من مكانة مصر وشأنها ومنزلتها، باعتبار هاجر ومارية عليهما السلام مصريتين، وهما أعظم امرأتين في تاريخ الإنسانية، تركت بصمات في العالم لا ينكرها إلا سفيه أو قليل العقل والدين، وكانت لهما منزلة خاصة عند الله سبحانه وتعالى وعند إبراهيم أبو الأنبياء، وعند محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء والمرسلين وبين العالمين.

هاجر عليها السلام

وإلَّا ما تزوجت هاجر المصرية عليها السلام من إبراهيم أبو الأنبياء، وكان لها هذا الفضل العظيم الذي يُماثل ويُشابه فضل مصر أم الدنيا، باعتبار أن الإنسان الحضاري الأول خرج من مصر إلى أوروبا وآسيا واعتبار أن مكة المكرمة أم القري، جزء لا يتجزأ من آسيا، فكانت كل القبائل العدنانية أصلها مصري، والتي تنتسب إلى عدنان الجد العشرين للرسول صلى الله عليه وسلم.

وما تزوجت مارية المصرية عليها السلام من سيد الأنبياء والمرسلين، محمد صلى الله عليه وسلم، وكانت المرأة الوحيدة من خارج الجزيرة العربية، التي عاشت وماتت في المدينة المنورة، ودفنت في البقيع مع الصحابة وأمهات المؤمنين، بجوار المسجد النبوي.

فهاجر عليها السلام عاشت وماتت في مكة المكرمة ودفنت بجوار الكعبة في المسجد الحرام،  ومارية عليها السلام عاشت وماتت في المدينة المنورة، ودفنت بجوار المسجد النبوي، فحيز لهن الشرف والخيرية في المدينتين المقدستين مكة والمدينة، والحرمين الشريفيين في المسجد الحرام، والمسجد النبوي.

منزلة إبراهيم أبو الأنبياء

ولكن من الواضح أن الهدف من الادعاء، بأن هاجر ومارية عليهما السلام كانتا جاريتين، ليس الحط من مكانة هاجر ومارية عليهما السلام، ولا الحط من مكانة مصر بقدر الحط من منزلة إبراهيم أبو الأنبياء عليه السلام، والحط من مكانة محمد صلى الله عليه وسلم، باعتباره خاتم الأنبياء والمرسلين عليهما السلام، ومن ثمَّ الحط من مكانة الإسلام الذي بني عليه الكون ولازم لإدارة حياة الإنسان في الدنيا من خلال الاستقامة والانضباط.

وهذا كله يؤكد حقيقية علمية ودينية، مفادها تأكيد أن أصل إبراهيم ومحمد عليهما السلام، مصري، فكان الربط  الجيني والأسري بين امرأتيين عظيميتن من مصر هاجر ومارية عليهما السلام ونبيين عظيمين أصولهما مصرية إبراهيم ومحمد عليهما السلام.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »