مقالات

(53) نهر النيل في… الإسلام

الكعبة تمثل قبلة المسلمين إلى يوم القيامة والتي يهاجر فيها الناس في كل صلاتهم، حول الكرة الأرضية خمس مرات بكل ما في أجسادهم من جسيمات أولية داخل الذرة الواحدة، وبكل ذراتهم داخل الخلية الواحدة وبكل خلاياهم وأنسجتهم وأعضائهم وأجهزتهم وأجسادهم وأرواحهم ونفوسهم .

وكما يهاجر الناس بأجسدهم إلى الكعبة المشرفة، يهاجرون إليها بأرواحهم، والتي ترفع من مكانتهم البشرية إلى مستوى النورانية، فيصبحون كالملائكة التي تجوب الأرض والسماء والملأ الأعلى، فلم تكن الهجرة في الأرض فقط، بل تتواصل الهجرة مع الملأ الأعلى، بكل ما تحمله الكلمة من معنى ومبنى.

هاجر عليها السلام

وكما أن لهاجر عليها السلام بصمات على الكعبة المشرفة وعلى البيت الحرام وعلى مكة المكرمة، فلها بصمات على كل المشاعر المقدسة من الطواف، والسعي بين الصفا والمروة والمبيت بمنى والانطلاق إلى عرفات ثم المزدلفة ثم رمي الجمرات ثم الهدى ثم التحلل من الإحرام والطواف، وكلها مناسك ومشاعر الحج عليها بصمة هاجر عليها السلام، وفيها معنى الهجرة، التي أرستها هاجر عليها السلام باسمها في أول خطوة تخطوها بنفسها، خارج مصر مع زوجها إبراهيم عليه السلام.

وكما أن بناء الكعبة المشرفة واتخاذها قبلة للمسلمين، يعود فيها الفضل الأول والأخير في بنائها، بعد الله سبحانه وتعالى وزوجها إبراهيم وابنها إسماعيل عليهما السلام إلى المجهودات الخارقة والجبارة والتضحيات الجسام التي قدمتها، هاجر عليها السلام أم العرب، فصبرت على تربية ابنها إسماعيل عليه السلام في غياب أبيه إبراهيم عليه السلام، حتى جاء الأمر الإلهي ببناء الكعبة والبيت الحرام بعد وفاتها.

وكل هذه المناسك وتلك الشعائر، مرتبطة ارتباط وثيق بنهر النيل، وتعود بالدرجة الأولى إلى هاجر المصرية، والتي تؤكد أن كل مشاعر الحج ومناسكه، تمت بأيادٍ مصرية على أرض الحرمين في مكة والمدينة.

وكان الدور الأبرز والأكبر والأعظم في بناء الكعبة المشرفة يعود بالدرجة الأولى إلى هاجر عليها السلام وابنها إسماعيل في معية أبيه إبراهيم عليهما السلام، فإسماعيل عليه السلام بنى الكعبة في معية أبيه، وكان همزة الوصل بين إبراهيم وهاجر عليهما السلام.

قال تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعليمُ) البقرة: 127.

الدكتور عبدالخالق حسن يونس، أستاذ الجلدية والتناسلية والذكورة بكلية الطب بجامعة الأزهر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
« Browse the site in your preferred language »